Translate واقي77-

الخميس، 17 فبراير 2022

كتاب صفة العلو ابن قدامة المقدسي + تحريم النظر في كتب الكلام لابن قدامة




إثبات صفة العلو

كتاب صفة العلو ابن قدامة المقدسي

بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين

رب يسر يا كريم واعن بمنك وبرحمتك



الحمد الله الذي علا في سمائه وجلا باليقين قلوب اوليائه وحار لهم في قدره وبارك لهم في قضائه وأشهد أن لا الله إلا الله وحده لا شريك له شهادة مؤمن بلقائه وأشهد ان محمدا ﷺ عبده ورسوله وخاتم أنبيائه وصلى الله عليه وعلى آله وصحبه واحبابه واصفيائه وسلم تسليما

أما بعد فإن الله تعالى وصف نفسه بالعلو في السماء ووصفه بذلك رسوله محمد خاتم الانبياء وأجمع على ذلك جميع العلماء من الصحابة الأتقياء والأئمة من الفقهاء وتواترت الأخبار بذلك على وجه حصل به اليقين وجمع الله تعالى عليه قلوب المسلمين وجعله مغروزا في طباع الخلق اجمعين فتراهم عند نزول الكرب بهم يلحظون السماء بأعينهم ويرفعون نحوها للدعاء أيديهم وينتظرون مجئ الفرج من ربهم وينطقون بذلك بألسنتهم لا ينكر ذلك إلا مبتدع غال في بدعته أو مفتون بتقليد واتباعه على ضلالته وأنا ذاكر في هذا الجزء بعض ما بلغني من الأخبار في ذلك عن رسول الله ﷺ وصحابته والأئمة المقتدين بسنته على وجه يحصل به القطع واليقين بصحبه ذلك عنهم ويعلم تواتر الروايه بوجوه منهم ليزداد من وقف عليه من المؤمنين ايمانا ويتنبه من خفي عليه ذلك حتى يصبر كالشاهد له عيانا ويصبر للمتمسك بالسنه حجة وبرهانا

واعلم رحمك الله أنه ليس من شرط صحة التواتر الذي يحصل به اليقين أن يوجد عدد التواتر في خبر واحد بل متى نقلت أخبار كثيرة في معنى واحد من طرق يصدق بعضها بعضا ولم يأت ما يكذبها أو يقدح فيها حتى استقر ذلك في القلوب واستيقنته فقد حصل التواتر وثبت القطع واليقين فإننا نتيقن جود حاتم وان كان لم يرد بذلك خبر واحد مرضي الاسناد لوجود ما ذكرنا وكذلك عدل عمر وشجاعة علي وعلمه وعلم عائشة رضي الله عنها وأنها زوج رسول الله ﷺ وابنة أبي بكر وأشباه هذا لايشك في شئ من ذلك ولا يكاد يوجد تواتر إلا على هذا الوجه فحصول التواتر واليقين في مسألتنا مع صحة الاسانيد ونقل العدول المرضيين وكثرة الأخبار وتخريجها فيما لا يحصى عدده ولا يمكن حصره من دواوين الائمة والحفاظ وتلقي الأمة لها بالقبول وروايتهم لها من غير معارض يعارضها ولا منكر لمن يسمع من لشئ منها أولى ولا سيما وقد جاءت على وفق ما جاء في القرآن العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد

قال تعالى ثم استوى على العرش في مواضع من كتابه

وقال تعالى أأمنتم من في السماء في موضعين

وقال تعالى إليه يصعد الكلم الطيب

وقال سبحانه يدبر الامر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه

وقال تعالى تعرج الملائكة والروح إليه

وقال لعيسى إني متوفيك ورافعك إلي

وقال تعالى بل رفعه الله إليه

وقال تعالى وهو القاهر فوق عباده

وقال سبحانه تعالى يخافون ربهم من فوقهم

وأخبر عن فرعون أنه قال يا هامان ابن لي صرحا لعلي أبلغ الاسباب أسباب السموات فأطلع إلى إله موسى وإني لأظنه كاذبا، يعني أظن موسى كاذبا في أن الله إلهه في السماء

والمخالف في هذه المسألة قد أنكر هذا يزعم أن موسى كاذب في هذا بطريق القطع واليقين مع مخالفته لرب العالمين وتخطئته لنبيه الصادق الأمين وتركه منهج الصحابة والتابعين والأئمة السابقين وسائر الخلق أجمعين ونسأل الله تعالى أن يجعلنا من أهل الاتباع و يعصمنا من البدع برحمته ويوفقنا لاتباع سنته
ذكر الأحاديث الصحيحة الصريحة في أن الله تعالى في السماء

أخبرنا الشيخ أبو بكر أحمد بن المقرب بن الحسين الكرخي وهو أول حديث سمعته من يومئذ قال حدثنا أبو محمد جعفر بن أحمد بن الحسين بن السراج القارئ وهو أول حديث سمعته منه قال حدثنا الحافظ أبو نصر عبيد الله بن سعيد بن حاتم السجزي الوائلي بمكه وهو أول حديث سمعته منه قال أخبرنا أبو يعلى حمزة بن عبد العزيز المهلبي وهو أول حديث سمعته منه قال حدثنا أبو حامد أحمد بن محمد بن يحيى بن بلال البزاز وهو أول حديث سمعته منه قال حدثنا عبد الرحمن بن بشير بن الحكم وهو أول حديث سمعته من قال حدثنا سفيان بن عيينة وهو أول حديث سمعته من سفيان عن عمرو ابن دينار عن أبي قابوس مولى لعبد الله بن عمرو بن العاص عن عبد الله بن عمرو بن العاص ان رسول الله ﷺ قال الراحمون يرحمهم الرحمن ارحموا أهل الارض يرحمكم من في السماء

أخرجه الترمذي غير مسلسل عن العدني محمد بن يحيى بن أبي عمرو عن سفيان وقال حديث حسن صحيح

أخبرنا الشيخ أبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن أحمد بن سليمان حدثنا حمد ابن أحمد الحداد أنبأنا أبو نعيم أحمد بن عبدالله الحافظ أنبأنا عبد الله بن جعفر ابن أحمد بن فارس حدثنا يونس بن حبيب حدثنا أبو داود الطيالسي حدثنا حرب بن شداد وأبان بن يزيد عن يحيى بن أبي كثير عن هلال بن أبي ميمونه عن عطاء بن يسار عن معاوية بن الحكم السلمي قال كانت لي غنم بين أحد والجوانيه فيها جارية لي فاطلعتها ذات يوم فإذا الذئب قد ذهب منها بشاة وأنا من بني آدم آسف كما يأسفون فرفعت يدي فصككتها صكة فأتيت رسول الله ﷺ فذكرت له ذلك فعظم ذلك علي فقلت يا رسول الله أفلا اعتقها قال ادعها فدعوتها قال فقال لها رسول الله ﷺ أين الله قالت في السماء قال من أنا قالت أنت رسول الله ﷺ قال رسول الله ﷺ أعتقها فإنها مؤمنة

هذا صحيح رواه مسلم في صحيحه ومالك في موطأه وابو داود والنسائي وأبو داود الطيالسي

أخبرنا عبد الله بن محمد أبو بكر بن النقور أنبأنا أبو بكر أحمد بن علي بن زكريا الطريثيثي قال أنبأنا أبو القاسم هبة الله بن الحسن الطبري أنبأنا أحمد ابن عبيد أنبأنا علي بن عبدالله بن مبشر حدثنا أحمد بن سنان حدثنا يزيد بن هارون حدثنا المسعودي عن عون بن عبدالله عن أخيه عبيد الله بن عبد الله ابن عتبة عن أبي هريرة أن رجلا أتى النبي ﷺ بجارية سوداء أعجمية فقال يا رسول الله إن علي عتق رقبة مؤمنة فقال لها رسول الله ﷺ أين الله فأشارت بأصبعها السبابة إلى السماء فقال لها من أنا فأشارت بأصبعها إلى رسول الله ﷺ وإلى السماء أي أنت رسول الله فقال أعتقها

أخرجه الامام أحمد والقاضي البرقي في مسنديهما

أخبرنا أبو المظفر بن أحمد بن محمد بن حمدي أنبأنا القاضي أبو الحسين محمد بن محمد بن الحسين أنبانا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب أنبأنا القاسم بن جعفر أنبأنا أبو علي اللؤلؤي أنبأنا أبو داود السجستاني حدثنا يزيد بن خالد الرملي حدثنا الليث بن سعد عن زياده بن محمد عن محمد بن كعب القرظي عن فضاله بن عبيد عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال سمعت رسول الله ﷺ يقول من اشتكى منكم أو اشتكى أخ له فليقل ربنا الله الذي في السماء تقدس اسمك أمرك في السماء في السماء والأرض كما رحمتك في السماء الارض اغفر لنا حوبنا وخطايانا أنت رب الطيبين أنزل علينا رحمة من رحمتك وشفاء من شفائك على هذا الوجع فيبرأ

أخرجه أبو داود في سننه

أخبرنا أبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن أحمد بن سليمان أنبأنا أبو الفضل أحمد بن الحسن بن خيرون أنبأنا أبو علي الحسن بن أحمد بن ابراهيم بن شاذان أنبأنا أبو سهل أحمد بن محمد بن زياد القطان أنبأنا أبو يحيى عبد الكريم بن الهيثم بن زياد الديرعاقولي حدثنا رجاء بن محمد البصري حدثنا عمران بن خالد بن طليق حدثني أبي عن أبيه عن جده قال اختلفت قريش إلى الحصين أبي عمران فقالوا ان هذا الرجل يذكر آلهتنا فنحن نحب أن تكلمه وتعظه فمشوا معه إلى قريب من باب النبي ﷺ قال فجلسوا ودخل حصين فلما رآه النبي ﷺ أوسعوا للشيخ فأوسعوا له وعمران وأصحاب النبي ﷺ متوافرون فقال حصين ما هذا الذي يبلغنا عنك أنك تشتم آلهتنا وتذكرهم وقد كان أبوك جفنة وخبزا فقال ﷺ يا حصين إن أبي وأباك في النار كم إلها تعبد اليوم قال سبعة في الأرض وإلها في السماء قال فإذا اصابك الضيق فمن تدعو قال الذي في السماء قال فإذا هلك المال فمن تدعو قال الذي في السماء قال فيستجيب لك وحده وتشركهم معه قال أما رضيته أو كلمة نحوها أو تخاف أن يغلب عليك قال لا واحدة من هاتين وعرفت أني لم أكلم مثله فقال يا حصين أسلم تسلم قال إن لي قوما وعشيرة فماذا أقول لهم قال قل اللهم إني استهديك لأرشد أمري وأستجيرك من شر نفسي علمني ما ينفعني وانفعني بما علمتني وزدني علما ينفعني فقالها فلم يقم حتى أسلم فوثب عمران فقبل رأسه ويديه ورجليه فلما رأى ذلك النبي ﷺ بكى فقيل له يا رسول الله ما يبكيك قال مما صنع عمران دخل حصين وهو مشرك فلم يقم إليه ولم يلتفت إلى ناحيته فلما أسلم قضى حقه فدخلني من ذلك رقة فلما أراد أن ينصرف حصين قال النبي ﷺ قوموا فشيعوه إلى منزله فلما خرج من سدة الباب نظرت إليه قريش فقالت صبأ وتفرقوا عنه

أخبرنا أبو محمد عبد الله بن منصور بن هبه الله بن الموصلي أنبأنا أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار الصيرفي أنبانا أبو الحسن محمد بن عبد الواحد بن جعفر أنبأنا أبو بكر أحمد بن ابراهيم بن الحسن بن شاذان أنبأنا أبو عبدالله أحمد بن محمد بن المغلس حدثنا أبو عثمان سعيد بن يحيى بن سعيد الاموي قال حدثني أبي قال ابن اسحاق خرج عبد أسود لبعض أهل خيبر في غنم له حتى جاء رسول الله ﷺ فقال لبعض أصحابه من هذا الرجل قالوا رسول الله ﷺ الذي من عند الله قال الذي في السماء قالوا نعم قال ادنوني منه فذهبوا به إلى رسول الله ﷺ فقال أنت رسول الله قال نعم قال الذي في السماء قال نعم فأمره رسول الله ﷺ بالشهادة فتشهد ثم استقبل غنمه فرمى في وجوهها بالبطحاء ثم قال اذهبي فوالله لا أتبعك أبدا فولت فكان ذلك آخر العهد بها قال فقاتل العبد حتى استشهد قبل أن يصلي سجدة واحده فأتى به رسول الله ﷺ فألقى إليه فالتفت إليه ثم أعرض عنه فقيل يا رسول الله التفت إليه ثم أعرضت عنه فقال إنه معه الآن لزوجتيه من الحور العين قال واسم العبد أسلم

أخرجه الاموي في المغازي

أخبرنا أبو محمد عبد الله بن منصور الموصلي أنبأنا أبو الحسين بن الطيوري أنبأنا محمد بن عبد الواحد بن جعفر أنبانا أحمد بن ابراهيم بن شاذان أنبأنا أحمد بن محمد بن المغلس حدثنا سعيد بن يحيى الاموي حدثنا عبد الله عن زياد عن ابن اسحاق قال حدثني يزيد بن سنان عن سعيد بن الأجيرد الكندي عن العرس بن قيس الكندي عن عدي بن عميرة بن فروة العبدي قال كان بأرضنا حبر من إليهود يقال له ابن شهلاء فالتقيت أنا وهو يوما فقال يا عدي بن عميرة فقلت ما شأنك يا ابن شهلاء فقال إني اجد في كتاب الله المنزل أن أصحاب الفردوس قوم يعبدون ربهم على وجوههم لا والله ما أعلم هذه الصفة في امة من الأمم إلا فينا معشر يهود وأجد نبيها يخرج من اليمن فمن تبعه كان على هدى و لا نراه يخرج إلا منا معشر يهود وأجد وقعتين تكونان إحداهما بمصرين والأخرى بصفين فأما مصرين فسمعنا بها مرابض الفراعنة وأما صفين فو الله ما أدري أين هي قال عدي فوالله ما مكثنا إلا يسيرا حتى بلغنا أن رجلا من بني هاشم قد تنبأ وسجد على وجهه فذكرت حديث ابن شهلاء فخرجت مهاجرا إلى النبي ﷺ فإذا هو ومن معه يسجدون على وجوههم ويزعمون أن إلههم في السماء فأسلمت وتبعته

قرئ على الشيخ أبي الفتح محمد بن عبد الباقي وأنا اسمع أخبركم أحمد بن علي بن الحسين قال أنبأ هبة الله بن الحسن أنبأ عبيد الله بن أحمد بن علي ثنا عبد الله بن محمد بن زياد ثنا محمد بن غالب الأنطاكي ثنا يحيى بن السكن عن شعبه وقيس عن أبي اسحاق عن أبي عبيدة عن ابيه قال قال رسول الله ﷺ ارحم من في الارض يرحمك من في السماء

أخبرنا الشيخ الصالح العالم أبو بكر عبد الله بن محمد بن أحمد بن النقور أنبأنا أبو طالب عبد القادر بن محمد اليوسفي أنبأ أبو علي بن المذهب أنبأ أبو بكر القطيعي حدثنا عبد الله بن أحمد ثنا أبي محمد بن فضيل ثنا عمارة بن القعقاع عن ابن أبي نعم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال بعث علي من اليمن إلى رسول الله ﷺ بذهيبة في أديم مقروظ لم تحصل من ترابها فقسمها رسول الله ﷺ بين أربعة بين زيد الخير والأقرع بن حابس وعيينة بن حصن وعلقمه بن علاثه أو عامر بن الطفيل شك عمارة فوجد من ذلك بعض أصحابه والانصار وغيرهم فقال رسول الله ﷺ ألا تأمنوني وانا أمين من في السماء يأتيني خبر من في السماء صباح مساء ثم أتاه رجل غائر العينين مشرف الوجنتين ناشز الجبهة كث اللحية مشمر الإزار محلوق الرأس فقال اتق الله يا رسول الله قال فرفع رأسه إليه فقال ويحك ألست أحق أهل الارض أن يتق الله أنا ثم أدبر فقال خالد يا رسول الله ألا اضرب عنقه فقال رسول الله ﷺ فلعله يكون يصلي فقال إنه رب مصل يقول بلسانه ما ليس في قلبه فقال رسول الله ﷺ إني لم اؤمر أن أنقب عن قلوب الناس ولا أشق بطونهم ثم نظر إليه النبي ﷺ وهو مقف فقال هاه إنه سيخرج من ضئضئ هذا قوم يقرأون القرآن لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية

أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما من طرق منها البخاري عن قتيبة بن سعيد عن عبد الواحد بن زياد عن عماره بن القعقاع ومسلم عن ابن نمير عن محمد بن فضيل عن عماره عن ابن أبي نعم واسمه عبد الرحمن

أخبرنا عبد الله بن محمد أنبأ عبد القادر بن محمد أنبأ الحسن بن علي أنبأ أحمد ابن جعفر قال ثنا عبد الله ثنا أبي ثنا حسين بن محمد ثنا ابن أبي ذئب عن محمد بن عمرو بن عطاء عن سعيد بن يسار عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال إن الميت تحضره الملائكة فإذا كان الرجل الصالح قالوا اخرجي أيتها النفس الطيبة كانت في الجسد الطيب اخرجي حميدة وأبشري بروح وريحان ورب غير غضبان قال فلا يزال يقال لها ذلك حتى تخرج ثم يعرج بها إلى السماء فيستفتح لها فيقال من هذا فيقال فلان فيقولون مرحبا بالنفس الطيبة كانت في الجسد الطيب ادخلي حميدة وابشري بروح وريحان ورب غير غضبان قال فلا يزال يقال لها ذلك حتى ينتهي بها إلى السماء التي فيها الله تعالى واذا كان الرجل السوء قالوا اخرجي أيتها النفس الخبيثة كانت في الجسد الخبيث اخرجي ذميمة وأبشري بحميم وغساق وآخر من شكله ازواج ولا يزال يقال لها ذلك حتى تخرج ثم يعرج بها إلى السماء فيستفتح لها فيقال من هذا فيقال فلان فيقال لا مرحبا بالنفس الخبيثة كانت في الجسد الخبيث ارجعي ذميمة فإنه لاتفتح لك أبواب السماء ثم ترسل من السماء ثم تصير إلى القبر

أخرجه أحمد والطبراني والخلال

أخبرنا أبو عبد الله بن صدقة الحراني أنبأ الفروي أنبأ عبد الغافر الفارسي قال أخبرنا أبو أحمد الجلودي أخبرنا إبراهيم بن محمد بن سفيان أنبأ مسلم بن الحجاج أخبرنا ابن أبي عمر قال ثنا مروان قال ثنا يزيد يعني ابن كيسان عن أبي حازم عن أبي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله ﷺ قال والذي نفسي بيده ما من رجل يدعو امرأته إلى فراشها فتأبى عليه الا كان الذي في السماء ساخطا عليها حتى يرضى عنها

أخرجه مسلم ابن يونس

أنبأنا أبو سعيد الخليل بن أبي الفتح الراراني أنبأ أبو علي الحداد أنبأ أبو نعيم أنبأ أبو بكر بن خلاد ثنا الحارث بن محمد بن أبي اسامه ثنا أحمد ثنا أبو الحارث الوراق عن بكر بن خنيس عن محمد بن سعيد عن عباده بن نسي عن عبد الرحمن بن غنم عن معاذ بن جبل قال قال رسول الله ﷺ إن الله ليكره في السماء أن يخطأ أبو بكر في الأرض

كتب إلي الامام الفقيه نجم الدين أبو العباس أحمد بن محمد بن خلف يقول رايت النبي ﷺ في المنام فقلت يا رسول الله اريد أن اسألك عن مسألة قال ما هي قلت قد جاء في القرآن والأحاديث الصحيحة أن الله في السماء واكثر الناس ينكرون هذا قال ومن ينكر هذا الامر كذلك الله في السماء

ذكر الأخبار الواردة بأن الله تعالى فوق عرشه

أخبرنا الشيخ أبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن أحمد ويده على كتفي قال حدثنا أبو عبد الله بن أبي نصر الحميدي ويده على كتفي قال حدثنا أبو اسحاق ابراهيم بن سعيد بن عبد الله النعماني ويده على كتفي قال حدثنا أبو سعد أحمد بن محمد بن أحمد الحافظ ويده على كتفي قال حدثنا أبو الحسن أحمد بن عيسى الفرضي ويده على كتفي قال أنبأ أبو الحسن أحمد بن الحسن ابن محمد المكي ويده على كتفي قال ثنا أبو عمرو هلال بن العلاء الرقي ويده على كتفي قال حدثني أبي ويده على كتفي ثنا عبيد الله بن عمرو ثنا زيد بن أبي انيسة ويده على كتفي ثنا أبو إسحاق السبيعي ويده على كتفي قال حدثني عبد الله بن الحارث ويده على كتفي قال حدثني الحارث الأعور ويده على كتفي قال ثنا علي بن أبي طالب ويده على كتفي قال حدثني رسول الله ﷺ ويده على كتفي قال حدثني الصادق الناطق رسول رب العالمين وأمينه على وحيه جبريل ويده على كتفي قال سمعت اسرافيل يقول سمعت القلم يقول سمعت اللوح يقول سمعت الله تعالى من فوق العرش يقول للشيء كن فلا يبلغ الكاف النون حتى يكون ما يكون

قرأت على أبي المظفر أحمد بن أحمد بن محمد بن حمدي أخبركم القاضي أبو الحسين قال أنبأ أبو بكر الخطيب أنبأ أبو عمر الهاشمي أنبأ أبو علي اللؤلؤي حدثنا أبو داود السجستاني ثنا محمد بن الصباح ثنا الوليد بن أبي ثور عن سماك عن عبد الله بن عميره عن الاحنف بن قيس عن العباس بن عبد المطلب قال كنت في البطحاء في عصابة فيهم رسول الله ﷺ فمرت بهم سحابة فنظر إليها فقال ما تسمون هذه قالوا السحاب قال والمزن قالوا والمزن قال العنان قالوا والعنان قال هل تدرون ما بعد ما بين السماء والارض قالوا لاندري قال إن بعد ما بينهما إما واحدة وإما اثنتان أو ثلاث وسبعون سنة ثم السماء فوقهما كذلك حتى عد سبع سموات ثم فوق السماء السابعة بحر بين أسفله واعلاه مثل ما بين سماء إلى سماء ثم فوق ذلك ثمانية أو عال بين اظلافهم وركبهم مثل ما بين سماء إلى سماء ثم على ظهورهم العرش بين اسفله واعلاه مثل ما بين سماء إلى سماء ثم الله تعالى فوق ذلك

وقرأت على أبي المظفر بن حمدي أخبركم محمد بن محمد الحسين أنبأنا أحمد ابن ثابت أنبأ القاسم بن جعفر أنبأ محمد بن أحمد بن عمرو ثنا سليمان بن الأشعث ثنا محمد بن بشار أنبأ وهب بن جرير ثنا أبي قال سمعت محمد بن اسحاق يحدث عن يعقوب بن عتبة عن جبير بن محمد بن جبير بن مطعم عن ابيه عن جده قال أتى رسول الله ﷺ أعرابي فقال يا رسول الله جهدت الأنفس وضاعت العيال ونهكت الأموال وهلكت الأنعام فاستسق الله لنا فإنا نستشفع بك على الله ونستشفع بالله عليك فقال رسول الله ﷺ ويحك اتدري ما تقول وسبح رسول الله ﷺ فما زال يسبح حتى عرف ذلك في وجوه أصحابه ثم قال ويحك إنه لايستشفع بالله على أحد ويحك أتدري ما الله فوق عرشه وعرشه فوق سمواته

قرئ على فاطمة بنت محمد بن علي البزاره المعروفة بنفيسة وأنا اسمع أخبركم أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن محمد بن طلحة قال أنبأ أبو الحسين علي بن محمد بن عبد الله بن بشران أنبأ عبد الصمد بن على بن مكرم ثنا الحارث بن محمد بن داهر التميمي أنبأ علي بن عاصم ثنا داود بن أبي هند عن عامر الشعبي قال كانت زينب تقول للنبي ﷺ أنا اعظم نسائك عليك حقا وأنا خيرهن منكحا تقول زوجنيك الرحمن من فوق عرشه وكان جبريل هو السفير بذلك وأنا ابنة عمك وليس لك من نسائك قريبة غيري

أخبرنا أبو الفتح محمد بن عبد الباقي ابن البطي أنبأ أبو الفضل بن خيرون أنبأ أبو علي بن شاذان ثنا القاضي أحمد بن محمد البرتي ثنا القعني ثنا المغيرة بن عبد الرحمن القرشي عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله ﷺ لما قضى الله الخلق كتب في كتابه هو عنده فوق العرش إن رحمتي غلبت غضبي

وفي لفظ عن أبي هريرة قال سمعت رسول الله ﷺ يقول إن الله كتب كتابا قبل أن يخلق الخلق إن رحمتي سبقت غضبي فهو مكتوب عنده فوق العرش

أخرجه البخاري ومسلم

أخبرنا محمد بن عبد الباقي أنبأ حمد بن أحمد الحداد أنبأ أحمد بن عبد الله ثنا محمد بن المظفر ثنا أحمد بن عمير ثنا علي بن معبد بن نوح ثنا صالح ابن بيان ثنا شعبة عن الحكم عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله ﷺ إن العبد ليشرف على حاجة من حاجات الدنيا فيذكره الله تعالى من فوق عرشه من فوق سبع سموات فيقول ملائكتي إن عبدي هذا قد أشرف على حاجة من حوائج الدنيا فإن فتحتها له فتحت له بابا من أبواب النار ولكن أذودها عنه فيصبح العبد عاضا على أنامله يقول من سبقني من دهاني وما هي إلا رحمة رحمه الله بها

هذا حديث غريب من حديث شعبه عن الحكم عن مجاهد قال أبو نعيم لم نكتبه إلا من حديث علي بن معبد عن صالح

أخبرنا محمد بن أحمد أنبأ حمد أنبأ أحمد بن عبد الله ثنا سليمان بن أحمد ثنا محمد بن أحمد بن البراء ثنا عبد المنعم بن ادريس بن سنان عن أبيه عن وهب عن جابر بن عبد الله وابن عباس رضي الله عنهما قالا قال علي رضي الله عنه يا رسول الله إذا أنت قبضت فمن يغسلك وفيم نكفنك ومن يصلي عليك ومن يدخلك القبر فقال النبي ﷺ يا علي أما الغسل فاغسلني أنت وابن عباس يصب الماء وجبريل ثالثكما فإذا أنتم فرغتم من غسلي فكفنوني في ثلاثة أثواب جدد وجبريل عليه السلام يأتني بحنوط من الجنة فإذا أنتم وضعتموني على السرير فضعوني في المسجد واخرجوا عني فإن أول من يصلي علي الرب تعالى من فوق عرشه ثم جبريل ثم ميكائيل ثم إسرافيل ثم الملائكة زمرا زمرا ثم ادخلوا فقوموا صفوفا صفوفا لا يتقدم علي أحد فقبض رسول الله ﷺ ثم أدخلوه المسجد ووضعوه في المسجد وخرج الناس عنه فأول من صلى عليه الرب تعالى من فوق عرشه تعالى وتقدس ثم جبريل ثم ميكائيل ثم اسرافيل ثم الملائكة زمرا زمرا

أخبرنا محمد بن أحمد أنبأ حمد أنبأ أحمد ثنا أبو بكر أحمد بن السندي ثنا جعفر بن محمد بن الصباح ثنا يحيى بن خدام بن منصور ثنا محمد بن عبد الله بن زياد الأنصاري ثنا مالك بن دينار عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال قال رسول الله ﷺ أخبرني جبريل عليه السلام عن الله تعالى أن الله تعالى يقول وعزتي وجلالي ووحدانيتي وفاقة خلقي إلي واستوائي على عرشي وارتفاع مكاني إني لأستحيي من عبدي وأمتي يشيبان في الإسلام ثم أعذبهما ورأيت رسول الله ﷺ يبكي عند ذلك فقلت ما يبكيك يا رسول الله فقال بكيت لمن يستحي الله تعالى منه ولا يستحي من الله تعالى

أنبأنا أبو الفرج يحيى بن محمود الثقفي أنبأ جدي الحافظ اسماعيل بن محمد بن الفضل أنبأ أبو الحسن علي بن محمد بن الخطيب الانباري أنبأ أبو عبد الله الحسين بن عمر بن برهان ثنا جعفر بن محمد الخلدي ثنا ابراهيم بن عبد الله بن مسلم ثنا سهل بن بكار ثنا عبد السلام عن عبيده الهجيمي قال قال أبو جري جابر بن سليم ركبت قعودا لي واتيت مكة في طلبه فأنخت بباب المسجد فإذا هو جالس ﷺ وهو محتب ببرده لها طرائق حمر فقلت السلام عليك يا رسول الله قال وعليك السلام قال إنا معشر أهل البادية قوم بنا الجفاء فعلمني كلمات ينفعني الله بهن قال ادن ثلاثا فقال أعد علي فقلت إنا معشر أهل البادية قوم بنا الجفاء فعلمني كلمات ينفعني الله بهن قال اتق الله ولا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تصب فضل دلوك في إناء المستسقي وإذا لقيت أخاك فالقه بوجه طلق منبسط وإياك وإسبال الازار فإنه من المخيلة وان الله لايحب المخيلة وان امرؤ سبك بما يعلم فيك فلا تسبه بما تعلم فيه فإن الله تعالى يجعل لك أجرا ويجعل عليه وزرا ولا تسبن شيئا مما خولك الله تعالى قال أبو جري فوالذي ذهب بنفس محمد ﷺ ما سببت لي شاة ولا بعيرا فقال رجل يا رسول الله ذكرت إسبال الازار وقد يكون بالرجل القرح أو الشيء يستحي منه قال لا بأس إلى نصف الساق أو إلى الكعبين إن رجلا ممن كان قبلكم لبس بردين فتبختر فيهما فنظر الله إليه من فوق عرشه فقمته فأمر الأرض فأخذته فهو يتجلجل في الأرض فاحذروا وقائع الله تعالى

قرأت على أبي المعالي عبد الله بن عبد الرحمن بن أحمد بن صابر السلمي أخبركم الشريف أبو القاسم الحسيني أنبأنا عبد العزيز بن أحمد الكتاني حدثنا أبو محمد عبد الرحمن بن عثمان أنبأ عمي محمد بن القاسم ابن معروف أنبأ أبو بكر أحمد بن علي بن سعيد أبو بكر بن أبي شيبه ثنا عبدة ابن سليمان عن أبي حيان عن حبيب بن أبي ثابت ان حسان بن ثابت انشد النبي ﷺ

شهدت بإذن الله أن محمدا ... رسول الله الذي فوق السموات من عال

وان ابا يحيى كلاهما ... له عمل في دينه متقبل

وان اخا الأحقاق اذ قام فيهم ... يقول بذات الله فيهم ويعدل

أنبأنا أبو القاسم يحيى بن اسعد بن بوش قال أنبأنا أبو العز أحمد بن عبيد الله ابن كادش أنبأ أبو علي محمد بن الحسين الجازري أنبأ أبو الفرج المعافى بن زكريا بن يحيى الجريري ثنا محمد بن القاسم الانباري ثنا محمد بن المرزبان ثنا أبو عبد الرحمن الجوهري ثنا عبيد الله ابن الضحاك أنبأ الهيثم بن عدي عن عوانة بن الحكم قال لما استخلف عمر بن عبد العزيز وفد الشعراء إليه فأقاموا ببابه اياما لايؤذن لهم فبيناهم كذلك يوما وقد ازمعوا على الرحيل مر بهم عدي بن ارطاه فقال له جرير

يا أيها الراكب المزجي مطيته ... هذا زمانك اني قد مضى زمني

ابلغ خليفتنا ان كنت لاقيه ... اني لدى الباب كالمصفود في قرن

لا تنس حا جتنا القيت مغفرة ... قد طال مكثي عن أهلي وعن وطني

قال فدخل عدي على عمر فقال يا أمير المؤمنين الشعراء ببابك وسهامهم مسمومه واقوالهم نافذة قال ويحك يا عدي مالي وللشعراء قال اعز الله أمير المؤمنين ان رسول الله ﷺ امتدح فأعطى ولك في رسول الله ﷺ اسوة حسنه فقال كيف

قال امتدحه العباس بن مرداس السلمي فأعطاه حلة قطع بها لسانه قال أو تروي من قوله شيئا قال نعم فأنشده ... رأيتك يا خير البريه كلها ... نشرت كتابا جاء بالحق معلما ... شرعت لنا دين الهدى بعد جورنا ... عن الحق لما اصبح الحق مظلما ... ونورت بالبرهان امرا مدلسا ... واطفأت بالبرهان نارا تضرما ... فمن مبلغ عني النبي محمدا ... وكل امرئ ييجزى بما كان قدما ... اقمت سبيل الحق بعد اعوجاجه ... وكان قديما ركنه قد تهدما ... تعالى علوا فوق عرش الهنا ... وكان مكان الله اعلى واعظما ...

ثم ذكر بقية الخبر

قرئ على عبد الله بن منصور وانا اسمع أخبركم أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار أنبأنا محمد بن عبد الواحد أنبأ أبو بكر بن شاذان أنبأ أبو عبد الله بن المغلس ثنا سعيد بن يحيى القصه لأنه تابعي قال حدثني أبي قال ثنا محمد بن اسحاق عن معبد بن كعب بن مالك ان سعد بن معاذ لما حكم في بني قريظة قال له رسول الله ﷺ لقد حكمت فيهم حكما حكم الله به من فوق سبعة ارقعة

أخبرنا أبو زرعه طاهر بن محمد بن طاهر المقدسي أنبأ أبو الحسن مكي بن منصور أنبأ أبو بكر أحمد بن الحسن الحرشي ثنا أبو العباس الأصم قال أنبأ الربيع المرادي قال أنبأ الشافعي قال أنبأ ابراهيم بن محمد قال حدثني موسى بن عبيدة قال حدثني أبو الأزهر معاوية بن اسحاق بن طلحة عن عبيد الله بن عمير أنه سمع أنس بن مالك رضي الله عنه يقول أتى جبريل عليه السلام بمرآة بيضاء فيها نكتة إلى النبي ﷺ فقال النبي ﷺ ما هذه يا جبريل قال هذه الجمعة فضلت بها أنت وأمتك فالناس لكم فيها تبع إليهود والنصارى ولكم فيها خير وفيها ساعة لا يوافقها عبد مؤمن يدعو الله فيها بخير إلا استجيب له وهو عندنا يوم المزيد قال النبي عليه السلام يا جبريل وما يوم المزيد قال إن ربك اتخذ في الفردوس واديا افيح فيه كثب مسك فإذا كان يوم الجمعة أنزل الله تعالى ما شاء من ملائكته وحوله منابر من نور وعليها مقاعد النبين وحف تلك المنابر بمنابر من ذهب مكللة بالياقوت والزبرجد عليها الشهداء والصديقون فيجلسوا من ورائهم على تلك الكثب فيقول الله لهم أنا ربكم وقد صدقتكم وعدي فاسألوني أعطكم فيقولون ربنا نسألك رضوانك فيقول قد رضيت عنكم ولكم على ما تمنيتم ولدي مزيد فهم يحبون يوم الجمعة لما يعطيهم فيه ربهم من الخير وهو اليوم الذي استوى ربكم على العرش فيه وفيه خلق آدم وفيه تقوم الساعة

أخرجه الشافعي في مسنده

أخبرنا محمد بن عبد الباقي أنبأنا أحمد بن الحسن أنبأنا أبو القاسم عبد الرحمن بن عبيد الله الحرفي قال ثنا أبو بكر أحمد بن سليمان النجاد ثنا محمد بن عبد الله بن سليمان ثنا محمد بن أبي بكر ثنا زائده بن أبي الرقاد عن زياد النميري عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال فأدخل على ربي تعالى وهو على عرشه تبارك وتعالى في حديث الشفاعة

قرأت علي أبي العباس أحمد بن المبارك بن سعد أخبركم جدي أبو المعالي ثابت بن بندار بن ابراهيم قال أنبأ أبو علي الحسن بن الحسين بن دوما أنبأ مخلد بن جعفر قال أنبأ أبو محمد الحسن بن علي القطان أنبا اسماعيل بن عيسى العطار أنبأ اسحاق بن بشر أخبرني عثمان بن الساج عن مقاتل بن حيان عن أبي الجارود العبدي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال بلغني حديث في القصاص وصاحبه بمصر فاشتريت بعيرا وشددت عليه رحلا ثم سرت شهرا حتى وردت مصر فسألت عن صاحب الحديث فدللت عليه فإذا له باب لاط وغلام أسود فقلت اههنا مولاك فسكت عني ثم دخل فأخبر مولاه أن رجلا اعرابيا بالباب فخرج إلي فقال من أنت قلت أنا جابر بن عبد الله قال ادخل فدخلت فقلت له بلغني عنك انك تحدث بحديث في القصاص عن رسول الله ﷺ ولم أشهده وليس أحد أحفظ له منك قال نعم سمعت رسول الله صلى عليه وسلم يقول إن الله يبعثكم يوم القيامة حفاه عراة غرلا بهما ثم يجمعكم ثم ينادي بصوت وهو قائم على عرشه بصوت رفيع غير فظيع يسمع القريب والبعيد يقول أنا الديان لا ظلم اليوم وعزتي وجلالي لأقتصن للمظلوم من الظالم ولو لطمة ولو ضربة يد ولأقتصن للجماء من القرناء ولأسألن العود لم خدش صاحبه ولأسألن الحجر لم ثلب صاحبه بذلك أرسلت رسلي وأنزلت كتبي وفي ذلك قلت ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين
ذكر أخبار دالة على ذلك في الجملة

ونقل من الجزء الاول من حديث أحمد بن كامل أخبرنا أبو القاسم يحيى بن أحمد بن علي بن السيبي القصري انا أبو علي الحسن بن أحمد بن ابراهيم بن شاذان أنبأنا أبو بكر أحمد بن كامل بن خلف عن محمد بن سعد العوفي ثنا عبد الله بن بكر السهمي ثنا يزيد بن عوانه عن محمد بن ذكوان عن عمرو بن دينار عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال كنا جلوسا ذات يوم بفناء رسول الله ﷺ اذ مرت بنا إمرأة من بنات رسول الله ﷺ فقال رجل من القوم هذه ابنة رسول الله ﷺ فقال أبو سفيان ما مثل محمد في بني هاشم الا كمثل ريحانه في وسط الزبل فسمعت تلك المرأة فأبلغته رسول الله ﷺ فخرج رسول الله ﷺ احسبه قال مغضبا فصعد على منبره وقال ما بال اقوال تبلغني عن اقوام ان الله خلق سموات سبعا فاختار العليا فسكنها واسكن سمواته من شآء من خلقه وخلق ارضين سبعا فاختار العليا فأسكنها من شاء من خلقه ثم اختار خلقه فاختار بني آدم ثم اختار بني آدم فاختار العرب ثم اختار العرب فاختار مضر ثم اختار

مضر فاختار قريشا ثم اختار قريشا فاختار بني هاشم ثم اختار بني هاشم فاختارني فلم ازل خيارا من خيار الا و من احب قريشا فبحبي احبهم ومن ابغض العرب فبغضبي ابغضهم

أخبرنا محمد أنبأ حمد أنبأ أحمد ثنا سليمان حدثنا المقدام بن داود حدثنا علي بن معبد ثنا وهب بن راشد عن فرقد عن أنس رضي الله عنه قال قال رسول الله ﷺ اوحى الله تعالى إلى نبي من الأنبياء ما بال عبادي يدحلون بيوتي يعني المساجد بقلوب غير طاهره وايد غير نقيه أبي يغترون و اياي يخادعون وعزتي وجلالي وعلوي في

ارتفاعي لأبتلينهم ببلية اترك الحليم فيهم حيران لا ينجو منهم الا من دعا كدعاء الغريق

أخبرنا أبو بكر النقور أنبأ أبو طالب اليوسفي أنبأ أبو علي بن المذهب أنبأ أبو بكر القطيعي ثنا عبد الله بن أحمد ثنا أبي ثنا عفان ثنا همام بن يحيى قال سمعت قتادة يحدث عن أنس بن مالك ان مالك بن صعصعة حدثه ان النبي ﷺ حدثهم عن ليلة اسري به قال بينما انا في الحطيم وربما قال قتادة في الحجر مضطجع إذا اتاني آت فذكر الحديث قال ثم اتيت بدابة دون البغل وفوق الحمار ابيض يقع خطوه عند اقصى طرفه قال فحملت عليه فانطلق

بي جبريل عليه السلام حتى اتى بي السماء الدنيا فاستفتح فقيل له من هذا قال جبريل قيل ومن معك قال محمد قال أو قد ارسل إليه قال نعم فقيل مرحبا به ونعم المجيء جاء قال ففتح قال فلما خلصت إذا فيها آدم عليه السلام قال هذا ابوك آدم فسلم عليه فسلمت عليه فرد السلام ثم قال مرحبا بالإبن الصالح والنبي الصالح ثم صعد حتى اتى السماء الثانيه فاستفتح قيل من هذا قال جبريل قيل ومن معك قال محمد قيل وقد ارسل إليه قال نعم قال مرحبا به ونعم المجيء جاء قال ففتح فلما خلصت فإذا يحيى وعيسى وهما إبنا الخاله قال هذا يحيى وعيسى فسلم عليهما قال فسلمت فردا السلام وقالا مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح ثم صعد حتى اتى السماء الثالثة فاستفتح قيل من هذا قال جبريل قيل ومن معك قال

محمد قيل وقد ارسل إليه قال نعم قال مرحبا به ونعم المجئ جاء قال ففتح فلما خلصت إذا يوسف عليه السلام قال هذا يوسف فسلم عليه قال فسلمت عليه فرد السلام ثم قال مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح ثم صعد حتى اتى السماء الرابعه فاستفتح فقيل من هذا قال جبريل قيل ومن معك قال محمد قيل اوقد ارسل إليه قال نعم قال مرحبا به ونعم المجئ جاء قال ففتح فلما خلصت قال فإذا ادريس عليه السلام قال هذا ادريس فسلم عليه قال فسلمت عليه فرد السلام ثم قال مرحبا بالاخ الصالح والنبي الصالح قال ثم صعد حتى اتى السماء الخامسه فاستفتح فقيل من هذا قال جبريل قيل ومن معك قال محمد قيل وقد ارسل إليه قال نعم قال مرحبا به ونعم المجئ جاء قال ففتح فلما خلصت فإذا هارون عليه السلام قال هذا هارون فسلم عليه قال فسلمت عليه قال فرد السلام ثم قال مرحبا بالاخ الصالح والنبي الصالح قال ثم صعد حتى اتى السماء السادسه فاستفتح

قيل من هذا قال جبريل قيل ومن معك قال محمد قيل وقد ارسل إليه قال نعم قال مرحبا به ونعم المجيء جاء قال ففتح فلما خلصت فإذا انا بموسى عليه السلام قال هذا موسى فسلم عليه فسلمت عليه فرد السلام ثم قال مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح قال فلما تجاوزت بكى قيل له و ما يبكيك قال ابكي لأن غلاما بعث من بعدي ثم يدخل الجنة من امته اكثر مما يدخلها من امتي قال ثم صعد حتى اتى إلى السمآء السابعة فاستفتح قيل من هذا قال جبريل قال ومن معك قال محمد قيل وقد ارسل إليه قال نعم قال مرحبا به ونعم المجيء جاء قال ففتح فلما خلصت فإذا ابراهيم عليه السلام قال هذا ابراهيم فسلم عليه قال فسلمت عليه قال فرد السلام ثم قال مرحبا بالإبن الصالح والنبي الصالح قال ثم رفعت الي سدره المنتهى قال ثم رفع لي البيت

المعمور قال ثم فرضت الصلاة علي خمسين صلاة كل يوم قال فرجعت فمررت على موسى عليه السلام فقال بم امرت قال امرت بخمسين صلاة كل يوم قال ان امتك لا تستطيع خمسين صلاة واني قد خبرت الناس قبلك وعالجت بني اسرائيل اشد المعالجة فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك قال فرجعت فوضع عني عشرا قال فرجعت إلى موسى فقال بم امرت قلت بأربعين صلاة كل يوم قال ان امتك لاتستطيع اربعين صلاة كل يوم واني قد خبرت الناس قبلك وعالجت بني اسرائيل اشد المعالجة فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك قال فرجعت فوضع عني عشرا اخر قال فرجعت إلى موسى فقال لي بم امرت قال امرت بثلاثين صلاة كل يوم قال ان امتك لا تستطيع ثلاثين صلاة كل يوم واني قد أخبرت الناس قبلك وعالجت بني اسرائيل اشد المعالجة فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك

قال فرجعت فوضع عني عشرا اخر فرجعت إلى موسى فقال لي بم امرت قلت بعشرين صلاة كل يوم فقال ان امتك لاتستطيع عشرين صلاة كل يوم واني قد خبرت الناس قبلك وعالجت بني اسرائيل اشد المعالجه فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك قال فرجعت فأمرت بعشر صلوات كل يوم قال فرجعت إلى موسى فقال بم امرت قلت امرت بعشر صلوات كل يوم فقال ان امتك لاتستطيع عشر صلوات كل يوم واني قد أخبرت الناس قبلك وعالجت بني اسرائيل اشد المعالجة فارجع إلى ربك فاساله التخفيف لأمتك قال فرجعت فامرت بخمس صلوات كل يوم فرجعت إلى موسى فقال بم امرت قلت امرت بخمس صلوات كل يوم فقال ان امتك لاتستطيع خمس صلوات كل يوم واني قد خبرت الناس قبلك وعالجت بني اسرائيل اشد المعالجة فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف قال قلت قد سألت ربي حتى استحيت منه ولكني ارضى وأسلم فلما نفذت نادى مناد قد امضيت فريضتي وخففت عن عبادي

قال الحافظ أبو الفضل ابن ناصر رحمه الله تعالى اتفق أئمة أصحاب الحديث على صحة هذا الحديث وثبوته وأخرجه البخاري ومسلم في صحيحهما وغيرهما

قرئ على أبي زرعه طاهر بن محمد بن طاهر المقدسي وانا اسمع أخبركم أبو منصور محمد بن الحسين المقومي أنبأ أبو طلحه القاسم بن أبي المنذر أنبأ أبو الحسن علي بن ابراهيم بن سلمه أنبأ أبو عبد الله محمد ابن يزيد بن ماجه ثنا محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب ثنا أبو عاصم العباداني ثنا الفضل الرقاشي عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله ﷺ بينا أهل الجنة في نعيمهم اذ سطع لهم نور فرفعوا رؤوسهم فإذا الرب تعالى قد اشرف عليهم من فوقهم فقال السلام عليكم يا أهل الجنه قال وذلك قوله الله تعالى سلام قولا من رب رحيم قال فينظر إليهم وينظرون إليه ولا يلتفتون إلى شيء من النعيم ما داموا ينظرون إليه حتى يحتجب عنهم ويبقى نوره وبركته عليهم في ديارهم

أخبرنا طاهر بن محمد المقدسي أنبأ محمد بن الحسين أنبأ القاسم بن أبي المنذر أنبأ علي بن ابراهيم بن سلمة قال أنبأ محمد بن يزيد ثنا بكر ابن خلف حدثني يحيى بن سعد عن موسى بن أبي عيسى الطحان عن عون بن عبد الله عن ابيه أو عن اخيه عن النعمان بن بشير قال قال رسول الله ﷺ ان مما تذكرون من جلال الله التسبيح والتهليل والتحميد يتعطفن حول العرش لهن دوي كدوي النحل تذكر بصاحبها اما يحب احدكم ان يكون له أو يزال من يذكر به

رواه ابن ماجه

أخبرنا محمد بن عبد الباقي أنبأ أحمد بن الحسن بن خيرون أنبأ أبو القاسم بن بشران أنبأ أبو علي أحمد بن الفضل بن العباس بن خزيمه ثنا علي بن الحسين بن يزيد الصدابي ثنا أبي الوليد بن القاسم عن يزيد بن كيسان عن أبي حازم عن أبي هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله ﷺ ما قال عبد لا اله الا الله مخلصا الا صعدت لا يردها حجاب فإذا وصلت إلى الله نظر إلى قائلها وحق على الله ان لا ينظر إلى موحد الا رحمه

أخبرنا الرئييس الاديب أبو العز محمد بن محمد بن مواهب الخراساني أنبأنا أبو الحسين بن الطيوري أنبأ محمد بن علي بن الفتح الحربي أنبأ أبو حفص بن شاهين ثنا محمد بن مخلد ثنا عبدوس بن بشر ثنا عبد العزيز بن عبد الواحد العسقلاني ثنا أبو نعيم عمر بن صبح عن مقاتل بن حيان عن الضاحك بن مزاحم عن ابن عباس رضى الله عنهما عن النبي ﷺ قال ان الله عمودا من نور اسفله تحت الارض السابعة وراسه تحت العرش فإذا قال العبد أشهد ان لا اله الا الله وأشهد ان محمدا عبده ورسوله اهتز ذلك العمود فيقول الله تعالى له اسكن قال يا رب كيف اسكن وانت لم تغفر لقائلها قال فيقول الله تعالى قد غفرت له فقال رسول الله ﷺ اكثروا من هز ذلك العمود

أخبرنا محمد أنبأ أحمد أنبأ أبو نعيم الحافظ أنبأ أبو بكر بن خلاد ثنا الحارث أبي اسامه ثنا أبو النعيم ثنا الاعمش عن ابراهيم التميمي عن ابيه عن أبي ذر رضى الله عنه قال كنا جلوسا عند النبي ﷺ في المسجد عند غروب الشمس فقال يا ابا ذر اتدري اين تغرب الشمس قلت الله ورسوله اعلم قال فإنها تذهب حتى تسجد تحت العرش عند ربها وتستأذن فلا يؤذن لها حتى تستشفع وتطلب فإذا طال عليها قيل لها اطلعي من مكانك فذلك قوله تعالى والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم

صحيح متفق عليه قال أبو نعيم

أخبرنا محمد بن عبد الباقي أنبأ أحمد بن الحسن أنبأ الحسن بن أحمد أنبأ أحمد بن محمد بن عبد الله أنبأ أحمد بن محمد بن عيسى ثنا القعنبي ثنا مالك عن أبي الزناد عن الاعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله ﷺ قال يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار ويتجمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر ثم يعرج الذين باتوا فيكم فيسألهم ربهم وهو اعلم بهم كيف تركتم عبادي فيقولون تركناهم وهم يصلون وأتيناهم وهم يصلون

متفق عليه

أخبرنا محمد أنبأ أحمد بن الحسن أنبأ أبو علي بن شاذان أنبأ أبو سهل أحمد بن محمد بن عبد الله بن زياد أنبأ أحمد بن محمد بن عيسى البرتي ثنا يحيى يعني الحماني ثنا أبو معاويه عن الاعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله ﷺ ان الله ملائكة سياحين في الأرض فضلا عن كتاب الناس فإذا وجدوا قوما يذكرون الله تعالى نادوا هلموا إلى بغيتكم فيحفون بهم يعني فإذا تفرقوا صعدوا إلى السماء فيقول الله تبارك وتعالى اي شئ تركتم عبادي يصنعونن فيقولون تركناهم يحمدونك ويمجدونك ويذكرونك فيقول وهل رأوني فيقولون لا فيقول وكيف لو رأوني فيقولون لو رأوك كانوا لك اشد تحميدا وتمجيدا وذكرا فيقول فأي شئ يطلبون فيقولون يطلبون الجنه فيقول وهل رأوها فيقولون لا فيقول فكيف لو رأوها فيقولون لو رأوها

كانوا اشد طلبا لها واشد حرصا فيقول من اي شيء يتعذون فيقولون يتعذون من النار فيقول هل رأوها فيقولون لا فيقول فكيف لو رأوها فيقولون لو رأوها لكانوا اشد منها هربا واشد منها تعوذا وخوفا فيقول فإني أشهدكم اني قد غفرت لهم فيقولون فيهم فلان الخطاء لم يردهم انما جآء لحاجه فيقول هم القوم لا يشقى جليسهم مرتين

أخبرنا محمد أنبأ حمد أنبأ أحمد ثنا أبو عمرو بن حمدان ثنا الحسن بن سفيان ثنا عبد الله بن عمر بن ابان ثنا مروان بن معاويه عن عبيد الله بن عبد الله عن يزيد بن الأصم عن أبي هريرة رضى الله عنه قاله قال رسول الله ﷺ ما طرف صاحب الصور مذ

وكل به مستعد ينظر نحو العرش مخافة ان يؤمر قبل ان يرتد إليه طرف كأن عينيه كوكبان دريان

قال أحمد وحدثنا سليمان بن أحمد حدثنا المقدام بن داود حدثنا اسد بن موسى حدثنا يوسف بن زياد عن عبد المنعم بن ادريس عن ابيه عن جده وهب بن منبه عن أبي هريرة رضى الله عنه ان رجلا من إليهود اتى النبي ﷺ فقال يا رسول الله هل احتجب الله من خلقه بشئ غير السموات قال نعم بينه وبين الملائكة الذين حول العرش سبعون حجابا من نور وسبعون حجابا من نار وسبعون حجابا من ظلمه وسبعون حجابا من رفاف الاستبرق وسبعون حجابا من رفاف السندس وسبعون حجابا من در ابيض وسبعون حجابا من در احمر وسبعون حجابا من در اصفر وسبعون حجابا من در اخضر وسبعون حجابا من ضياء إستضاءه من ضوء النار والنور وسبعون حجابا من ثلج وسبعون حجابا من ماء وسبعون حجابا من غمام وسبعونه حجابا من برد وسبعون حجابا من عظمة الله التي لاتوصف قال فأخبرني عن ملك الله الذي يليه فقال النبي ﷺ اصدقت فيما أخبرتك يا يهودي قال نعم قال فإن الملك الذي يليه اسرافيل

ثم جبريل ثم ميكائيل ثم ملك الموت

قرأت على أبي العباس أحمد بن المبارك بن سعد بن المرقعاتي أخبركم جدك أبو المعالي ثابت بن بندار بن ابراهيم البقال قال أنبأ أبو علي الحسن ابن الحسين بن العباس بن دوما أنبأ أبو علي مخلد بن جعفر الباقرحي أنبأ أبو محمد الحسن بن علي أنبأ اسماعيل بن عيسى العطار أنبأ أبو حذيفه اسحاق بن بشر أخبرنا ابن جريح عن عطاء ومقاتل عن عكرمه عن ابن عباس قال قال جبريل يا محمد كيف لو رأيت

اسرافيل ورأسه من تحت العرش ورجلاه في التخوم السابعه وان العرش لعلي كاهله وانه ليتضاءل احيانا من مخافة الله تعالى حتى يصير مثل الوصع يعني مثل العصفور حتى ما يحمل عرش ربك الا عظمته

ذكر أخبار وارده في هذا عن الأنبياء المتقدمين عليهم السلام

أخبرنا أبو الفتح محمد بن عبد الباقي أنبأ حمد بن أحمد أنبأ أبو نعيم ثنا أبو عمرو بن حمدان ثنا الحسن بن سفيان ثنا محمد بن يزيد الرفاعي ثنا اسحاق بن سليمان ثنا أبو جعفر الرازي عن عاصم بن بهدلة عن أبي صالح عن أبي هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله ﷺ لما القي ابراهيم عليه السلام في النار قال اللهم انك واحد في السماء وانا في الأرض واحد اعبدك

ومن كتاب العروس قال ثنا محمد بن سعد بن الحسين ثنا أحمد بن ابراهيم الموصلي ثنا الربيع بن سليمان عن حفص بن عبد الله عن عثمان بن

عطاء الخراساني عن ابيه عن أبي سفيان الألهاني عن تميم الداري قال سألنا رسول الله ﷺ عن معانقة الرحل الرجل إذا هو لقيه فقال رسول الله ﷺ ان أول من عانق خليل الله ابراهيم وذلك انه خرج يرتاد لماشيته في جبل من جبال بيت المقدس فسمع صوتا يقدس الله تعالى فذهل عما كان يطلب وقصد قصد الصوت فإذا هو برجل أهلب طوله ثمانية عشره ذراعا يقدس الله تعالى فقال له ابراهيم يا شيخ من ربك قال الذي في السماء قال من رب الذي في السماء قال الذي في السماء قال وما فيهما اله غيره قال لا إله إلا هو رب من في السماء ورب من في الأرض قال يا شيخ هل معك أحد من قومك قال ما علمت ان احدا من قومي بقي غيري قال فما طعامك قال اجمع من ثمر هذا الشجر في الصيف فآكله في الشتاء قال فأين قبلتك قال فأومأ إلى قبلة ابراهيم عليه السلام قال اين منزلك قال في تلك المغارة قال فانطلق إلى بيتك قال ان بيني وبين بيتي واديا لاينخاض قال فكيف تعبره قال اعبر على الماء ذاهبا واعبر عليه جائيا فقال ابراهيم انطلق فلعل الذي يذلله لك يذلله لي فانطلقا فأتيا الماء فمشى كل واحد منهما على الماء يعجب مما أوتي صاحبه فدخلا إلى الغار فنظر ابراهيم فإذا قبلته قبلة فقال له

ابراهيم يا شيخ اي يوم اعظم قال يزم يضع الله كرسيه للحساب يوم تؤمر جهنم ان تزفر زفرة لايبقى لها ملك مقرب ولا نبي مرسل الا خر ساجدا تهمته نفسه من هول ذلك اليوم قال ابراهيم يا شيخ ادع الله ان يؤمنني وإياك من هول ذلك اليوم قال وما تصنع بدعائي ان لي دعوه محبوسة في السماء منذ ثلاث سنين لم ارها قال له ابراهيم ألا أخبرك ما حبس دعاءك قال بلى قال ان الله تعالى إذا احب عبدا اخر مسألته لحبه صوته وإذا ابغض عبدا عجل مسألته أو القي الإياس في صدره فما دعوتك المحبوسة في السماء منذ ثلاث سنين قال مر بي في هذا المكان شاب له ذؤابة في راسه معه غنم له كأنما حشيت وبقر كأنما دهنت قلت بالله لمن هذه قال لخليل الله ابراهيم عليه السلام فقلت اللهم ان كان لك خليل في الارض فأرنيه قبل خروجي من الدنيا فقال ابراهيم قد اجيب دعوتك فاعتنق هو وابراهيم وكان قبل ذلك السجود يسجد هذا لهذا وهذا لهذا إذا هو لقيه ثم جاء الاسلام بالمصافحة فلا يفترق الأصابع حتى يغفر لكل واحد منهما والحمد الله الذي وضع عنا الآصار

أخبرنا الشيخ أبو بكر عبد الله بن محمد بن أحمد بن النقور وقراءة عليه وانا اسمع قال أنبأ أبو بكر الطريثيثي ثنا أبو القاسم الطبري

أنبأ عيسى بن علي أنبأ عبد الله بن محمد البغوي ثنا علي بن مسلم ثنا سيار ثنا جعفر بن سليمان ثنا ثابت قال كان داود عليه السلام يطيل الصلاه ثم يركع ثم يرفع رأسه إلى السماء ثم يقول اليك رفعت رأسي يا عامر السماء نظر العبيد إلى أربابها يا سكن السماء

أخبرنا أحمد بن المبارك أنبأ جدي لأمي ثابت بن بندار أنبأ أبو علي بن دوما أنبأ مخلد بن جعفر أنبأ الحسن بن علويه ثنا اسماعيل أنبأ اسحاق أنبأ سعيد عن قتادة عن الحسن قال سمع يونس عليه السلام تسبيح الحصى وتسبيح الحيتان وقال فجعل يسبح ويهلل ويقدس وكان يقول في دعائه سيدي في السماء مسكنك وفي الأرض قدرتك وعجائبك سيدي من الجبال اهبطتني وفي البلاد سيرتني وفي الظلمات الثلاث حبستني الهي سجنتني بسجن لم تسجن به احدا قلبي الهي عاقبتني بعقوبه لم تعاقب بها احدا قبلي فلما كان تمام اربعين يوما واصابة الغم فنادى في الظلمات ان لا اله إلا أنت سبحانك اني كنت من الظالمين

قرأت على أبي العباس أحمد بن المبارك بن سعد بن المرقعاتي أخبركم جدك أبو

المعالي ثابت بن بندار بن ابراهيم البقال قال أنبأ أبو علي الحسن بن الحسين ابن العباس بن دوما أنبأ أبو علي مخلد بن جعفر الباقرحي أنبأ أبو محمد الحسن ابن علي أنبأ اسماعيل بن عيسى العطار أنبأ أبو حذيفة اسحاق بن بشر عن جويبر عن الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قالت إمرأه العزيز ليوسف عليه السلام يا يوسف اني كثيرة الدر والياقوت والزمرد فأعطيك ذلك كله حتى تنفقه في مرضاة سيدك الذي في السماء

أخبرنا محمد بن عبد الباقي أنبأنا حمد ابن أحمد الحداد أنبأنا أحمد حدثنا أبي ومحمد بن أحمد قالا ثنا الحسن ثنا محمد بن حميد ثنا يعقوب عن جعفر عن سعيد بن جبير قال قحط الناس في زمن ملك من ملوك بني اسرائيل ثلاث سنين فقال الملك ليرسلن الله علينا السماء أو لنؤذيه فقال له جلساؤه وكيف تقدر على ان تؤذيه أو تغيظه وهو في السماء وانت في الارض قال اقتل اوليائه من أهل الأرض فيكون ذلك اذى له قال فأرسل الله عليهم السماء

اقوال الصحابة رضي الله عنهم اجمعين

قد تقدمت الرواية عن عدي بن عميره العبدي انه قال فخرجت مهاجرا إلى النبي ﷺ فإذا هو ومن معه يسجدون على وجوههم ويزعمون ان الههم في السماء وهذا أخبار عن جمعيعهم

وكذلك خبر العبد الأسود حين انتهى إلى أصحاب رسول الله ﷺ فقال لبعض أصحابه من هذا قالوا رسول الله ﷺ قال الذي في السماء قالوا نعم

وكذلك روايتهم الأخبار التي رووها في هذا المعنى ولا شك في انهم كانوا مصدقين بها معتقدين صحتها

وكذلك جواب من سئل منهم عن الله تعالى فقال هو في السماء

وذكرنا شعر حسان والعباس بن مرداس الذي انشده بين يدي

رسول الله ﷺ

وقال أبو عمر بن عبد البر في كتاب الاستيعاب روينا من جوه صحاح ان عبد الله بن رواحة رضي الله عنه مشى ليلة إلى أمة له فنالها فرأته امرأته فلامته فجحدها فقالت ان كنت صادقا فاقرأ القرآن فإن الجنب لا يقرأ القرآن فقال ... شهدت بأن وعد الله حق ... وان النار مثوى الكافيرنا ... وان العرش فوق الماء طاف ... وفوق العرش رب العالمينا ... وتحمله ملائكة كرام ... واملاك إلإله مسومينا ...

فقالت امرأته صدق الله وكذبت عيني وكانت لا تحفظ القرآن

وأخبرنا أبو المعالي عبد الله بن عبد الرحمن السلمي قال أنبأنا أبو القاسم الحسني أنبأ عبد العزيز الكتاني أنبأ عبد الرحمن بن عثمان أنبأ عمي محمد بن القاسم أنبأ أبو بكر أحمد بن علي بن سعيد أنبأ أبو بكر بن أبي شيبة ثنا أبو اسامة عن نافع قال كانت لعبد الله بن رواحة جارية فكان يكاتم امرأته غشيانها فوقع عليها ذات يوم ثم جاء إلى امرأته فاتهمته ان يكون وقع عليها فأنكرت ذلك فقالت له أقرأ القرآن فقال ... شهدت باذن الله ان محمدا ... رسول الذي فوق السموات من عل ... وان ابا يحيى ويحيى كلاهما ... له عمل من ربه متقبل ...

فقالت اولى لك

وقد اشتهر شعر امية بن أبي الصلت ... مجدوا الله وهو للمجد أهل ... ربنا في السماء امسى كبيرا ... بالبناء الأعلى الذي سبق الخا ... لق وسوى فوق السماء سريرا ... سيرجع ما يناله بصر العي ... ن دونه الملائكة صورا

وقال النبي ﷺ آمن شعره وكفر قلبه

أخبرنا الشيخ أبو الحسين عبد الحق بن عبد الخالق اليوسفي أنبأنا محمد بن علي بن ميمون النرسي أنبأ أبو محمد الغندجاني أنبأ أبو بكر بن عبدان أنبأ أبو الحسن بن سهل أنبأ محمد بن اسماعيل البخاري قال قال محمد بن فضيل عن فضيل بن غزوان عن نافع عن ابن عمر رضى الله

عنهما قال لما قبض رسول ﷺ دخل أبو بكر عليه فأكب عليه وقبل جبهته وقال بأبي أنت وامي طبت حيا وميتا وقال من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله في السماء حي لا يموت

أخبرنا محمد أنبأنا حمد أنبأ أبو نعيم ثنا عبد الله بن محمد بن شبل ثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا وكيع عن اسماعيل عن قيس قال لما قدم عمر رضي الله عنه الشام استقبله الناس وهو على بعيره فقالوا يا أمير المؤمنين لو ركبت برذونا تلقاك عظماء الناس ووجوههم فقال عمر الا اراكم ههنا انما الأمر من ههنا واشار بيده إلى السماء

قال أبو عمر بن عبد البر روينا من وجوه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه انه خرج ومعه الناس فمر بعجوز فاستوقفته فوقف فجعل يحدثها وتحدثه فقال رجل يا أمير المؤمنين حبست الناس على هذه العجوز قال ويلك اتدري من هي هذه أمرأة سمع الله شكواها من فوق سبع

سموات هذه خولة بنت ثعلبة التي انزل الله فيها قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله والله يسمع تحاوركما والله لو انها وقفت إلى الليل ما فارقتها الا الصلاه ثم ارجع إليها

وروى خليد بن دعلج عن قتاده قال خرج عمر رضي الله عنه من المسجد ومعه الجارود العبدي فإذا بامرأة برزة على ظهر الطريق فسلم عمر عليها فردت عليه السلام وقالت ايها يا عمر عهدتك وانت تسمى عميرا في سوق عكاظ ترع الصبيان بعصاك فلم تذهب الأيام حتى سميت عمر ثم لم تذهب الأيام حتى سميت أمير المؤمنين فاتق الله في الرعيه واعلم انه من خاف الوعيد قرب عليه البعيد ومن خاف الموت خشي الفوت فقال الجارود اكثرت أيتها المرأه على أمير المؤمنين فقال عمر دعها اما تعرفها هذه خولة بنت حكيم التي سمع الله قولها من فوق سبع سموات فعمر احق ان يسمع لها

أخبرنا محمد أنبأ حمد أبو نعيم أنبأ أبو بكر أحمد بن محمد بن الحارث ثنا الفضل بن الحباب الجمحي ثنا مسدد ثنا عبد الوارث بن سعيد عن محمد ابن اسحاق عن النعمان بن سعد قال كنت بالكوفه في دار الامارة دار علي بن أبي طالب رضي الله عنه إذ دخل علينا نوف بن عبد الله فقال يا أمير المؤمنين ان بالباب اربعون رجلا من إليهود فقال علي علي بهم فلما وقفوا بين يديه قالوا له يا علي صف لنا ربك هذا الذي هو في السماء كيف هو وكيف كان ومتى كان وعلى اي شيء هو فاستوى علي جالسا فقال يا معشر إليهود اسمعوا مني ولا تبالوا ان لا تسألوا أحد غيري ان ربي تعالى هو الاول لم يبد مماء ولا ممازج مع ماء ولا حال وهما ولا شبح ينقضي ثم ذكر الحديث بطوله

أخبرنا عبد الله بن محمد أنبأ أحمد بن علي أنبأ هبد الله أنبا كوهي بن الحسن أنبأ محمد بن هارون الحضرمي أنبأ المنذر بن الوليد ثنا أبي ثنا الحسن بن أبي جعفر عن عاصم عن زر عن عبد الله يعني ابن مسعود رضي الله عنه قال ما بين السماء القصوى وبين الكرسي خمس مائة سنة وما بين الكرسي

والماء خمس مائة سنه والعرش فوق الماء والله فوق العرش لايخفى عليه شيء من اعمال بني آدم

وأخبرنا أبو بكر عبد الله بن محمد قال أنبأ أبو بكر الطريثيثي أنبأ أبو القاسم الطبري أنبأ عبد الله بن محمد بن جعفر ثنا عبد الغافر بن سلامة ثنا أبو ثوبان مزداد بن جميل أنبأ عبد الملك بن ابراهيم الجدي أنبأ شعبه عن أبي اسحاق الهمداني عن أبي عبيدة عن عبد الله قال ارحم من في الأرض يرحمك من في السماء

أخبرنا أبو بكر بن النقور قال أنبأنا أبو بكر الطيرثيثي قال حدثنا أبو القاسم الطبري أنبا الحسن بن عثمان أنبأ علي بن محمد بن الزبير ثنا ابراهيم ابن أبي العنبس ثنا يعلى بن عبيد عن سفيان عن أبي هاشم عن مجاهد قال

قيل لابن عباس ان ناسا يقولون بالقدر فقال يكذبون بالكتاب لئن اخذت بشعر احدهم لانضونه ان الله تعالى كان على عرشه قبل ان يخلق شيئا فخلق الخلق وكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة وانما يجري الناس على امر قد فرغ منه

قال وأخبرنا أحمد بن محمد أخبرنا عبد الله بن محمد بن زياد حدثنا ابن شيرويه حدثنا اسحاق ابن راهويه ثنا ابراهيم بن الحكم بن ابان عن ابيه في عكرمة في قوله تعالى ثم لآتينهم من بين ايديهم ومن خلفهم وعن ايمانهم وعن شمائلهم قال ابن عباس لم يستطع ان يقول من فوقهم علم ان الله من فوقهم

وروى عبد الله بن أحمد ثنا أبو بكر ثنا عاصم بن علي ثنا أبي عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال تفكروا في كل شيء ولا تفكروا في ذات الله فإن بين السموات السبع إلى

كرسيه سبعة آلاف سنة وهو فوق ذلك تبارك وتعالى

أخبرنا محمد بن عبد الباقي قال أنبأنا أبو الفضل حمد بن أحمد قال أنبأنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله بن اسحاق الحافظ قال ثنا أبو عمرو بن حمدان قال ثنا الحسن بن سفيان قال ثنا الهيثم بن جناد ثنا يحيى يعني ابن سليم عن عبد الله بن عثمان بن خثيم عن ابن أبي مليكة قال إستأذن ابن عباس على عائشه رضي الله عنها وهي تموت فقالت لا حاجة لي بتزكيته فقال عبد الرحمن بن أبي بكر يا امتاه ان ابن عباس من صالح بنيك جاء يعودك قالت فائذن له فدخل عليها فقال يا امه ابشري فو الله ما بينك وبين ان تلق محمدا والأحبه الا ان يفارق روحك جسدك كنت احب نساء رسول الله ﷺ إليه ولم يكن رسول الله ﷺ يحب الا طيبا قالت ايضا قال هلكت قلادتك بالأبواء فأصبح رسول الله ﷺ يلتقطها فلم يجدوا ماء فأنزل الله تعالى فتيمموا

صعيدا طيبا فكان ذلك سببك وبركتك ما انزل الله تعالى لهذه الأمة من الرخصه وكان من امر مسطح ما كان فأنزل الله تعالى براءتك من فوق سبع سموات فليس مسجد يذكر الله تعالى فيه الا وشأنك يتلى فيه آناء الليل واطراف النهار

أخبرنا محمد بن عبد الباقي أنبأنا حمد بن أحمد أنبأنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ حدثنا أبو حامد بن جبله ثنا محمد بن اسحاق ثنا الحسن بن محمد ابن الصباح ثنا عمرو بن محمد العنقري قال ثنا عيسى بن طهمان قال سمعت أنس بن مالك رضي الله عنه يقول كانت زينب تفخر على ازواج رسول الله ﷺ تقول ان الله زوجني من السمآء واطعم عليها خبزا ولحما

وفي لفظ تقول زوجكن اهاليكن وزوجني الله تعالى من فوق سبع سموات أخرجه البخاري

أخبرنا عبد الله بن محمد أنبأ أبو بكر أحمد بن علي أنبأ أبو القاسم هبة الله ابن الحسن أنبأ عبيد الله بن محمد ثنا عبد الصمد بن علي ثنا محمد بن عمر ثنا أبو كنانة محمد بن اشرس الأنصاري ثنا أبو عمير الحنفي عن قرة بن خالد عن الحسن عن امه عن ام سلمة رضي الله عنها في قوله تعالى الرحمن على العرش استوى قالت الكيف غير معقول والاستواء غير مجهول والإقرار به ايمان والجحود به كفر

اقوال التابعين رحمه الله عليهم اجمعين

أخبرنا محمد بن عبد الباقي أنبأ أحمد بن الحسن أنبأ أبو القاسم بن بشران أنبأ أبو الفضل ابن خزيمه ثنا محمد بن أبي العوام ثنا موسى بن داود ثنا أبو مسعود الجرار عن علي بن الأقمر قال كان مسروق اذا حدث عن عائشه رضي الله عنها قال حدثتني الصديقة بنت الصديق حبيبة حبيب الله المبرأة من فوق سبع سموات فلم اكذبها

أخبرنا محمد أنبأ حمد أنبأأحمد ثنا أبو محمد بن حيان ثنا الوليد بن أبان ثنا عبد الله بن محمد بن زكريا ثنا سلمه بن شبيب ثنا ابراهيم بن الحكم حدثني أبي عن عكرمة قال بينما رجل مستلق على مثلة في الجنة فقال في

نفسه ولم يحرك شفتيه لو ان الله يأذن لي لزرعت في الجنة فلم يعلم الا والملائكة على أبواب جنته قابضين على اكفهم فيقولون سلام عليك فاستوى قاعدا فقالوا له يقول لك ربك تمنيت شيئا في نفسك فقد علمته وقد بعث معنا هذا البذر يقول لك ربك ابذر فألقى يمينا وشمالا وبين يديه وخلفه فخرج امثال الجبال على ما كان تمنى وأراده فقال له الرب تعالى من فوق عرشه كل يا ابن آدم فإن ابن آدم لايشبع

قرأت على أحمد بن المبارك أخبركم ثابت بن بندار أنبأ أبو علي بن دوما أنبأ مخلد بن جعفر أنبأ الحسن بن علي القطان أنبأ اسماعيل بن عيسى العطار ثنا اسحاق بن بشر عن أبي بكر الهذلي عن الحسن قال ليس شئ عند ربك من الخلق اقرب إليه من اسلاافيل وبينه وبين ربه سبع

حجب كل حجاب مسيرة خمسمائة عام واسرافيل دون هؤلاء وراسه من تحت العرش ورجلاه في تخوم الثرى

أخبرنا محمد أنبأنا حمد أنبانا أحمد بن عبد الله حدثنا أحمد بن محمد بن الفضل ثنا أبو العباس السراج ثنا عبد الله بن أبي الزناد وهارون قالا ثنا سيار ثنا جعفر قال سمعت مالك بن دينار يقول ان الصديقين اذا قرئ عليهم القرآن طربت قلوبهم إلى الآخره ثم قال خذوا فيقرأ ويقول اسمعوا إلى قول الصادق من فوق عرشه

قال أحمد حدثنا أبي ثنا أحمد بن محمد بن عمر ثنا أبو بكر بن عبيد حدثني أبو علي المدائني ثنا ابراهيم بن الحسن عن شيخ من قريش يكنى ابا جعفر عن مالك بن دينار قال قرات في بعض الكتب ان الله تعالى يقول يا ابن آدم خيري ينزل عليك وشرك يصعد الي واتحبب اليك

بالنعم وتتبغض الي بالمعاصي ولا يزال ملك كريم قد عرج منك الي بعمل قبيح

قال ابن عبد البر وذكر سنيد عن مقاتل بن حيان عن الضحاك بن مزاحم في قوله تعالى ما يكون من نجوى ثلاثة الا هو رابعهم 00 الايه قال هو على عرشه وعلمه معهم اينما كانوا

قال وبلغني عن سفيان الثوري مثله

أخبرنا عبد الله بن محمد أنبأنا أحمد بن علي أنبأنا هبه الله بن الحسن حدثنا عبد الله بن أحمد بن القاسم أنبأنا أبو بكر أحمد بن محمود ابن يحيى ثنا أحمد بن محمد بن صدقه ثنا أحمد بن محمد بن يحيى بن سعيد القطان ثنا يحيى بن آدم عن ابن عيينه قال سئل ربيعة عن قوله تعالى الرحمن على العرش استوى كيف استوى قال الاستواء غير مجهول والكيف غير معقول ومن الله الرسالة وعلى الرسول البلاغ وعلينا التصديق

أخبرنا أبو بكر أنبأنا أبو القاسم قال أنبأنا أحمد بن عبيد أنبأ محمد بن الحسين أنبأنا أحمد بن أبي خيثمة ثنا هارون بن معروف ثنا ضمرة عن صدقة قال سمعت سليمان التميمي يقول لو سئلت اين الله تبارك وتعالى قلت في السماء

اقوال الأئمة رضي الله عنهم

أخبرنا أبو بكر عبد الله بن محمد قال أنبأنا أبو بكر أحمد بن علي أنبأ هبة الله بن الحسن أنبأ محمد بن عبيد الله بن الحجاج أنبأ أحمد بن الحسن ثنا عبد الله ابن أحمد أنبأ أبي ثنا سريج بن النعمان قال حدثني عبد الله بن نافع قال قال مالك الله في السماء وعلمه في كل مكان لا يخلو منه شيء

قال أبو عمر بن عبد البر علماء الصحابة والتابعين الذين حمل عنهم التأويل قالوا في تأويل قوله تعالى ما يكون من نجوى ثلاثه الا هو رابعهم هو على العرش وعلمه في كل مكان وما خالفهم في ذلك أحد يحتج بقوله

وروى بإسناده عن معدان قال سالت سفيان الثوري عن قوله تعالى وهو معكم أينما كنتم قال

علمه

وقال حنبل قلت لأبي عبد الله ما معنى قوله وهو معكم أينما كنتم و ما يكون من نجوى ثلاثه الا هو رابعهم قال علمه عالم الغيب والشهاده علمه محيط بكل شيء شاهد علام الغيوب يعلم الغيب ربنا على العرش بلا حد ولا صفه وسع كرسيه السموات والأرض

وروى عن يوسف بن موسى الغدادي انه قال قيل لأبي عبد الله أحمد بن حنبل الله تعالى فوق السمآء السابعة على عرشه بائن من خلقه وقدرته وعلمه بكل مكان قال نعم على العرش و لايخلو منه مكان

وبلغني عن أبي حنيفة رحمه الله انه قال في كتاب الفقه

الأكبر من انكر ان الله تعالى في السماء فقد كفر

أخبرنا عبد الله بن محمد أنبأنا أحمد بن علي أنبأنا هبة الله بن الحسن أنبأنا أحمد بن محمد بن حفص أنبأ محمد بن أحمد ثنا الحسن بن يوسف ثنا أحمد بن علي بن زيد ثنا محمد بن أبي عمرو ثنا بن وهب قال سمعت شداد بن حكيم يذكر عن محمد بن الحسن في الأحاديث ان الله يهبط إلى السماء الدنيا ونحو هذا من الأحاديث ان هذه الأحاديث قد روتها الثقات فنحن نرويها ونؤمن بها ولا نفسرها

أخبرنا الإمام أبو الحسن علي بن عساكر بن المرحب البطائحي المقرئ قال أنبأنا الأمين أبو طالب عبد القادر بن محمد بن عبد القادر اليوسفي قال أنبأنا أبو اسحاق ابراهيم بن عمر البرمكي أنبأ أبو بكر محمد بن عبد الله بن بخيت قال أنبأ أبو حفص عمر بن محمد بن عيسى الجوهري قال ثنا أبو بكر أحمد بن محمد بن هانئ الطائي الأثرم قال حدثني علي بن الحسن بن شقيق قال قلت لابن المبارك كيف نعرف ربنا قال في السماء السابعة

على عرشه ولا نقول كما تقول الجهمية انه ههنا وههنا

قال أبو بكر الأثرم وحدثني محمد بن ابراهيم القيسي قال قلت لأحمد ابن حنبل يحكى عن ابن المبارك انه قيل له كيف نعرف ربنا قال في السماء السابعة على عرشه قال أحمد هكذا هو عندنا

قال الأثرم وحدثنا أبو عبد الله الأوسي قال سمعت وهب بن جرير يقول انما يريد الجهمية انه ليس في السماء شئ

قال وقلت لسليمان بن حرب اي شيء كان حماد بن زيد يقول في الجهميه فقال كان يقول إنما يريدون انه ليس في السماء شيء

أخبرنا عبدالله أنبأنا حمد حدثنا هبة الله قال أخبرنا محمد بن الحسين بن يعقوب أنبأ دعلج بن أحمد ثنا أحمد بن علي الأبار ثنا محمد بن منصور الطوسي ثنا نوح بن ميمون ثنا بكير بن معروف عن مقاتل بن حيان في قوله تعالى ما يكون من نجوى ثلاثة الا هو رابعهم

قال هو العرش ولن يخل شئ من علمه

وعن جعفر بن عبدالله انه قال جاء رجل إلى مالك بن أنس فقال يا ابا عبد الله الرحمن على العرش استوى كيف استوى قال فما رايت مالكا وجد من شيء كموجدته من مقالته وعلاه الرخضآء يعني العرق واطرق القوم وجعلوا ينتظرون ما يأتي منه فيه قال فسري عن مالك فقال الكيف غير معقول والإستواء منه غير مجهول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعه واني اخاف ان تكون ضالا وأمر به فأخرج

قال هبه الله وأنبانا محمد بن جعفر النحوي حدثنا أبو عبد الله نفطويه قال حدثني أبو سليمان داود ابن علي قال كنا عند ابن الأعرابي فأتاه رجل فقال ما معنى قول الله تعالى الرحمن على العرش استوى فقال هو على عرشه كما الله تعالى فقال يا ابا عبد الله ليس هذا معناه انما معناه استولى فقال اسكت ما أنت وهذا لا يقال

استولى الشيء على الشيء الا ان يكون له مضاد فإذ ا غلب احدهما قيل استولى اما سمعت قول النابغه ... الا لمثلك أو من أنت سابقه ... سبق الجواد إذا استولى على الأمد ...

حدثني ابني أبو المجد عيسى بن عبد الله قال أخبرنا الشيخ أبو طاهر المبارك ابن أبي المعالي بن المعطوش أنبأنا أبو الغنائم محمد بن محمد بن المهتدي بالله أنبأنا الشيخ أبو اسحاق ابراهيم بن عمير البرمكي أنبأ أبو الفضل عبيد الله بن عبد الرحمن الزهري قال حدثني حمزة بن الحسين بن عمر البزاز قال حدثني عبد الله بن محمد بن عبيد قال حدثني عباس ابن دهقان قال قلت لبشر بن الحارث احب ان اخلو معك قال إذا شئت فبكرت يوما فرأيته قد دخل قبة فصلى فيها اربع ركعات لا احسن ان اصلي مثلها فسمعته يقول في سجوده اللهم انك تعلم فوق عرشك ان الذل احب الي من الشرف اللهم انك تعلم فوق عرشك أن الفقر أحب إلى من الغنى اللهم إنك تعلم فوق عرشك اني لا اوثر على حبك شيئا فلما سمعته اخذني الشهيق والبكاء فلما سمعني

قال أنت تعلم اني لو أعلم ان هذا ههنا اني لم اتكلم

أخبرنا الشيخ الزكي أبو علي الحسن بن سلامه بن محمد الحراني قال أنبأنا أبو اسحاق ابراهيم بن محمد بن نبهان الغنوي الرقي قال أخبرنا شيخ الاسلام أبو الحسن علي بن أحمد بن يوسف القرشي الهكاري قال أخبرنا الزاهد أحمد بن عاصم الموصلي حدثنا أبو القاسم علي بن القاسم المقرئ بالموصل قال كتبت من كتاب ابن هشام البلدي

بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما وصى به محمد بن ادريس الشافعي ح قال شيخ الاسلام أخبرنا أبو منصور محمد بن علي بن محمد بن الحسن بن سهل بن خليفة بن الصياح البلدي قال حدثني جدي محمد بن الحسن بن سهل بن خليفة حدثنا أبو علي الحسين بن هشام ابن عمر البلدي قال هذه وصية محمد بن ادريس الشافعي رضي الله تعالى عنه

اوصي انه يشهد ان لا اله الا الله وحده لاشريك له وان

محمدا ﷺ عبد ورسوله وانه يؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا يفرق بين أحد من رسله وان صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك امرت وان الله يبعث من في القبور وان الجنة حق وان النار حق وان عذاب القبر والحساب والميزان والصراط حق وان الله يجزي العباد بأعمالهم عليه احيا وعليه اموت وعليه ابعث ان شاء الله وأشهد ان الايمان قول وعمل ومعرفة بالقلب يزيد وينقص وان القرآن كلام الله تعالى غير مخلوق وان الله تعالى يرى في الاخره ينظر إليه المؤمنين عيانا جهارا ويسمعون كلامه وانه فوق العرش وان القدر خيره وشره من الله تعالى لا يكون الا ما اراد الله تعالى وقضاه وقدره وان خير الناس بعد رسول الله ﷺ أبو بكر وعمر وعثمان وعلي بن أبي طالب رضوان الله تعالى عنهم اجمعين واتولاهم واستغفر لهم ولأهل الجمل وصفين القاتلين والمقتولين وجميع أصحاب النبي ﷺ اجمعين والسمع والطاعه لأولي الأمر ما داموا يصلون والولاة لا يخرج عليهم بالسيف والخلافة في قريش وان قليل ما اسكر كثيره خمر والمتعة حرام وأوصي بتقوى الله تعالى ولزوم السنة والآثار عن رسول الله ﷺ وأصحابه وترك البدع والأهواء واجتنابها واتقوا الله حق تقاته ولا تموتن الا وانتم مسلمون فإنها وصية الأولين والآخرين وان من يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لايحتسب واتقوا الله ما استطعتم وعليكم بالجمعة والجماعة ولزوم السنة والإيمان والتفقه في الدين ومن حضرني منكم فليلقني شهادة ان لااله الا الله وحده لا

شريك له وان محمدا عبده ورسوله وتعاهدوا والأظفار والشارب قبل الوفاة ان شاء الله واذا حضرت فإن كان عندي حائض فلتقم وليدخنوا عند فراشي

قال شيخ الاسلام وأخبرنا أبو يعلى الخليل بن عبدالله الحافظ أنبأنا أبو القاسم بن علقمة الأبهري حدثنا عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازية عن أبي شعيب وابي ثور عن أبي عبد الله محمد بن ادريس الشافعي

رضي الله عنه قال القول في السنة التي أنا عليها ورأيت أصحابنا عليها أصحاب الحديث الذين رأيتهم فأخذت عنهم مثل سفيان ومالك وغيرهما الإقرار بشهادة ان لااله الا الله وان محمدا رسول الله وذكر شيئا ثم قال وان الله على عرشه في سمائه يقرب من خلفه كيف شاء وان الله تعالى ينزل إلى السماء الدنيا كيف شاء وذكر سائر الاعتقاد

وبهذا الاسناد قال عبد الرحمن بن أبي حاتم حدثنا يونس بن عبد الأعلى قال سمعت ابا عبد الله محمد بن ادريس الشافعي رضي الله عنه يقول وقد سئل عن صفات الله تعالى وما يؤمن به فقال الله تعالى اسماء وصفات جاء بها كتابه وأخبر بها نبيه ﷺ امته لا يسع احدا من خلق الله تعالى قامت عليه الحجه ردها لأن القرآن نزل بها وصح عن رسول ﷺ القول بها فيما روى عنه العدل فإن خالف ذلك بعد ثبوت الحجة عليه فهو كافر فاما قبل ثبوت الحجة عليه فمعذور بالجهل لأن علم ذلك لايدرك بالعقل ولا بالروية والفكر ولا يفكر بالجهل بها أحد الا بعد انتهاء الخبر إليه بها ونثبت هذه الصفات وننفي عنها التشبه كما نفى التشبه عن نفسه فقال تعالى ليس كمثله شيء وهو السميع البصير

وقال الشافعي رحمة الله عليه خلافة أبي بكر رضي الله عنه

حق قضاها الله في سمائه وجمع عليها قلوب أصحاب نبيه ﷺ

أخبرنا الشيخ أبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن أحمد بن سلمان قال أنبأنا أبو بكر أحمد بن علي بن الحسين بن زكريا الطريثيثي قال أنبأنا أبو القاسم هبة الله بن الحسن أنبأنا محمد بن المظفر المقرئ حدثنا الحسن بن محمد بن حبيش المقرئ ثنا أبو محمد عبد الرحمن بن محمد بن أبي حاتم ح وقرأت على أبي الفضل عبد الله بن أحمد بن محمد بن عبد القاهر الطوسي بالموصل قال أخبركم أبو الحسن علي بن محمد بن علي ابن محمد العلاف أنبا أبو القاسم بن بشران أنبأ أبو الحسن علي بن عبد العزيز بن مدرك أنبأ أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم قال سألت أبي وأبا زرعه عن مذاهب أهل السنة في اصول الدين وما ادركا عليه العلماء في جميع الأمصار وما يعتقدان من ذلك فقالا أدركنا العلماء في جميع الأمصار حجازا وعراقا ومصرا وشاما ويمنا فكان من مذاهبهم ان الايمان قول وعمل يزيد وينقص والقرآن كلام الله

غير مخلوق بجميع جهاته والقدر خبره وشره من الله تعالى وان الله تعالى فوق عرشه بائن من خلقه كما وصف نفسه في كتابه وعلى لسان رسوله بلا كيف احاط بكل شئ علما ليس كمثله شئ وهو السميع البصير

قال أبو القاسم الطبري وجدت في كتاب أبي حاتم محمد بن ادريس ابن المنذر الحنطي مما سمع منه يقول مذهبنا واختيارنا اتباع رسول الله ﷺ وأصحابه والتابعين من بعدهم بإحسان وترك النظر في موضع بدعهم والتمسك بمذاهب أهل الأثر مثل أبي عبد الله أحمد بن حنبل واسحاق بن ابراهيم وابي عبيد القاسم بن سلام والشافعي رحمهم الله تعالى ولزوم الكتاب والسنه ونعتقد ان الله تعالى على عرشه بائن من خلقه ليس كمثله شئ وهو السميع البصير

أنبأنا أبو المطهر القاسم بن الفضل بن عبد الواحد الصيدلاني أنبأنا أحمد بن علي بن خلف أنبأنا أبو عبد الله الحاكم الحافظ قال سمعت محمد بن صالح بن هانئ يقول سمعت ابا بكر محمد بن اسحاق بن خزيمه رحمه

الله تعالى يقول من لم يقر بأن الله تعالى على عرشه قد استوى فوق سبع سمواته فهو كافر به يستتاب فإن تاب والا ضربت عنقه والقي على بعض المزابل حيث لا يتأذى المسلمون ولا المعاهدون بنتن ريح جيفه وكان ماله فيئا لا يرثه أحد من المسلمين إذا المسلم لا يرث من الكافر كما قال النبي ﷺ

وذكر أبو عمر بن عبد البر حديث مالك في الموطأ عن ابن شهاب عن أبي سلمه بن عبد الرحمن وابي عبد الله الأغر جميعا عن أبي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله ﷺ قال ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليله إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل فيقول من يدعوني فاستجب له من يسألني فأعطيه من يستغفرني فأغفر له وقال هذا حديث ثابت من جهة النقل صحيح الاسناد لايختلف أهل الحديث في صحته وهو حديث منقول من طرق سوى هذه من أخبار العدول عن النبي ﷺ وفيه دليل على ان الله تعالى في السماء على العرش من فوق سبع سموات كما قالت الجماعة وهو من حجتهم على

المعتزلة وقولهم ان الله بكل مكان

قال والدليل على صحة قول أهل الحق قوله تعالى الرحمن على العرش استوى وقوله تعالى ثم استوى على العرش وقال سبحانه أأمنتم من في السماء وقال إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه وقال يخافون ربهم من فوق وقال يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه وقال تعالى تعرج الملائكة والروح إليه وقال وهو القاهر فوق عباده وقال ياعيسى اني متوفيك ورافعك الي وقال بل رفعه الله إليه وقد أخبر الله تعالى في موضعين من كتابه عن فرعون انه قال يا هامان ابن لي صرحا لعلي ابلغ الأسباب اسباب السموات فأطلع إلى اله موسى واني لأظنه كاذبا يعني اظن موسى كاذبا في ان له اله في السماء هذه الآيه تدل على ان موسى عليه السلام كان يقول ان الهي في السماء وفرعون يظنه كاذبا

قال ومن الحجه عليهم ايضا في انه على العرش فوق السموات

السبع ان الموحدين اجمعين من العرب والعجم اذا كربهم امر أو نزلت بهم شدة رفعوا ايديهم ووجوههم إلى السماء رافعين لها مشيرين بها إلى السماء يستغثيون الله ربهم تبارك وتعالى وهذا اشهر واعرف عند الخاصة والعامة من ان يحتاج فيه إلى اكثر من حكايته لأنه اضطرار لم يوقفهم عليه أحد ولا انكره عليهم مسلم وقد قال النبي ﷺ للأمه التي اراد مولاها عتقها وكانت عليه رقبة مؤمنة فاختبرها رسول الله ﷺ بأن قال لها اين الله فأشارت إلى السماء وقال لها من انا قالت رسول الله ﷺ قال اعتقها فإنها مؤمنه فاكتفى رسول الله ﷺ منها برفعها رأسها إلى السماء واستغنى بذلك عما سواه

قال أبو عمر أهل السنة مجمعون على الإقرار بالصفات الوارده كلها في القرآن والسنة والإيمان بها وحملها على الحقيقة لا على المجاز الا انهم لا يكيفون شيئا من ذلك ولا يحدون فيه صفة محصورة واما أهل البدع الجهمية والمعتزلة كلها والخوارج فكلهم ينكرها ولا يحمل منها شيئا

على الحقيقه ويزعمون ان من اقربها مشبه وهم عند من اقربها نافون للمعبود والحق فيما قاله القائلون بما ينطق به كتاب الله وسنة رسوله وهم أئمة الجماعة

والحمد الله رب العالمين على توقفه وهدايته ومعافاته لنا من سلوك طرق أهل البدع كلها

وجدت في آخر جزء فيه حديث جعفر بن محمد بن نصير الخالدي هذه الحكايه بخط كاتب الجزء وقال رأيتها في آخر الجزء ورأيت بخط أبي بكر بن شاذان سمع ابني الحسن هذه الحكاية حدثني من اثق به قال كنا نغسل ميتا وهو على سرير فكشفنا عنه الثوب فسمعناه يقول هو على عرشه وحده هو على عرشه وحده هو على عرشه وحده قال فتفرقنا من عظم ما سمعنا ثم رجعنا فغسلناه

فقد وضح الحق في هذه المسالة بحمد الله تعالى من الحجج القاطعه من الآيات الباهرة والأخبار المتواترة واجماع الصحابة كما ذكروه في اشعارهم ومنثور كلامهم من قول ائمتهم وعامتهم وروايتهم للسنه في ذلك قائلين لها مؤمنين بها مصدقين بما فيها لم ينكر ذلك منهم منكر ولا اعتراض منهم عليه معترض ثم بعدهم عصرا بعد عصر حتى قال الإمامان أبو

زرعه وابو حاتم هذا ما ادركنا عليه العلماء في جميع الأمصار حجازا وعراقا ومصرا ولم يخالف في ذلك غير مبتدع غال أو مفتون ضال واول من خالف في ذلك فيما علمنا الجهم بن صفوان فعاب ذلك عليه وعلى أصحابه الائمة من العلماء والسادة من الفقهاء واستعظموا قولهم وبدعتهم ثم ان الجهمية مضطرون إلى موافقة أهل الاسلام على رفع ايديهم في الدعاء وانتظار الفرج من السماء وقول سبحان ربي الأعلى وتلاوة ما يدل على ذلك من كتاب الله تعالى وسنة رسوله المصطفى ﷺ ثم لايزالون يسمعون من السنة ما يقرع رؤوسهم ويحزن قلوبهم ويسمعون من عامة المسلمين في اسواقهم ومحاوراتهم من ذلك ما يغيظهم لا يستطيعون له ردا ولا يجدون من سماعه بدا وليس لهم في بدعتهم هذه حجة من كتاب الله ولا سنة ولا قول صحابي ولا امام مرضي الا اتباع الهوى ومخالفة سنة المصطفى ﷺ وائمة الهدى ومن وفقه الله تعالى لاتباع صراطه المستقيم والاقتداء بنبيه الصادق الأمين واتباع صحابته الغر الميامين ورضي لنفسه ما رضى به ائمة المسلمين وعامة المؤمنين اراح نفسه في الدنيا من مخالفة المسلمين و امن في الاخره من العذاب الأليم وآتاه الله الاجر العظيم وهداه إلى الصراط المستقيم وانعم عليه بمرافقة النبين وأصحاب اليمين بدليل قول الله تعالى ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين انعم الله عليهم من النبين والصدقين والشهدآء والصالحين

جعلنا الله سبحانه تعالى ممن هداه إلى صراطه المستقيم ووفق لاتباع رضى رب العالمين والإقتداء بنبيه محمد خاتم النبيين والسلف

الصالحين برحمته انه ارحم الراحمين آمين

آخر الجزء والحمدالله وحده وصلى الله على سيدنا محمد خاتم النبين وسيد المرسلين وعلى آله وصحبه اجمعين وسلم تسليما كثيرا

=======



====

======

======

==============


تحريم النظر في كتب الكلام

كتاب
تحريم النظر في كتب الكلام








الحمد لله حمدا موافيا لنعمه مكافئا لمزيده وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة مخلص في توحيده وأشهد أن محمدا عبده ورسوله خاتم أنبيائه وخير عباده وعلى آله وصحابته وسائر المتمسكين بسنته المحتذين لطريقه.

أما بعد فإنني وقفت على فضيحة ابن عقيل التي سماها نصيحة، وتأملت ما اشتملت عليه من البدع القبيحة والشناعة على سالكي الطريق الواضحة الصحيحة فوجدتها فضيحة لقائلها قد هتك الله تعالى بها ستره وأبدى بها عورته ولولا أنه قد تاب إلى الله تعالى منها وتنصل ورجع عنها واستغفر الله تعالى من جميع ما تكلم به من البدع أو كتبه بخطه أو صنفه أو نسب إليه لعددناه في جملة الزنادقة وألحقناه بالمبتدعة المارقة.

ولكنه لما تاب وأناب وجب أن تحمل منه هذه البدعة والضلالة على أنها كانت قبل توبته في حال بدعته وزندقته.

ثم قد عاد بعد توبته إلى نص السنة والرد على من قال بمقالته الأولى بأحسن كلام وأبلغ نظام وأجاب على الشبه التي ذكرت بأحسن جواب وكلامه في ذلك كثير في كتب كبار وصغار وأجزاء مفردة وعندنا من ذلك كثير.

فلعل إحسانه يمحو إساءته وتوبته تمحو بدعته فإن الله تعالى يقبل التوبة عن عبادة ويعفو عن السيئات.

ولقد كنت أعجب من الأئمة من أصحابنا الذين كفروه وأهدروا دمه وأفتوا بإباحة قتله وحكموا بزندقته قبل توبته ولم أدر أي شيء أوجب هذا في حقه وما الذي اقتضى أن يبالغوا فيه هذه المبالغة حتى وقفت على هذه الفضيحة.

فعلمت أن بها وبأمثالها استباحوا دمه.

وقد عثرت له على زلات قبيحة ولكن لم أجد عنه مثل هذه التي بالغ فيها في تهجين السنة مبالغة لم يبالغها معتزلي ولا غيره.

وكان أصحابنا يعيرونه بالزندقة.

فقال الشيخ أبو الخطاب محفوظ بن أحمد الكلواذاني رحمه الله تعالى في قصيدته يقول فيها.

ومذ كنت من أصحاب أحمد لم أزل ** أناضل عن أعراضهم وأحامي

وما صدني عن نصرة الحق مطمع ** ولا كنت زنديقا حليف خصام

يعرض بابن عقيل حيث نسب إلى ذلك.

وبلغني أن سبب توبته أنه لما ظهرت منه هذه الفضيحة أهدر الشريف أبو جعفر رحمه الله تعالى دمه وأفتى هو وأصحابه بإباحة قتله.

وكان ابن عقيل يخفى مخافة القتل فبينما هو يوما راكب في سفينة فإذا في السفينة شاب يقول تمنيت لو لقيت هذا الزنديق ابن عقيل حتى أتقرب إلى الله تعالى بقتله وإراقة دمه.

ففزع وخرج من السفينة وجاء إلى الشريف أبي جعفر فتاب واستغفر.

وها أنا أذكر توبته وصفتها بالإسناد ليعلم أن ما وجد من تصانيفه مخالفا للسنة فهو مما تاب منه فلا يغتر به مغتر ولا يأخذ به أحد فيضل ويكون الآخذ به كحاله قبل توبته في زندقته وحل دمه.

أخبرنا الشيخ الإمام الثقة المسند أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد البغدادي بقراءتي عليه في ذي القعدة سنة ثلاث وستمائة بمسجدنا المحروس بظاهر دمشق حرسها الله تعالى قلت له أخبركم القاضي الأجل العالم أبو بكر محمد بن عبد الباقي بن محمد البزار إجازة إن لم يكن سماعا قال حضرت يوم الاثنين الثامن من المحرم سنة خمس وستين وأربعمائة توبة الشيخ الإمام أبي الوفاء بن عقيل في مسجد الشريف أبي جعفر رحمه الله تعالى في نهر معلى وحضر في ذلك اليوم خلق كثير.

قال: يقول علي بن عقيل إنني أبرأ إلى الله تعالى من مذاهب المبتدعة الاعتزال وغيره ومن صحبة أربابه وتعظيم أصحابه والترحم على أسلافهم والتكثر بأخلاقهم وما كنت علقته ووجد بخطي من مذاهبهم وضلالاتهم فأنا تائب إلى الله سبحانه تعالى من كتابته وقراءته وإنه لا يحل لي كتابته ولا قراءته ولا اعتقاده.

وذكر شيئا آخر، ثم قال: فإني أستغفر الله وأتوب إليه من مخالطة المبتدعة المعتزلة وغيرهم ومكاثرتهم والترحم عليهم والتعظيم لهم فإن ذلك كله حرام لا يحل لمسلم فعله لقول النبي من عظم صاحب بدعة فقد أعان على هدم الإسلام.

وقد كان سيدنا الشريف أبو جعفر أدام الله علوه وحرس على كافتنا ظله ومن معه من الشيوخ والأتباع سادتي وإخواني أحسن الله عن الدين والمروة جزاءهم مصيبين في الإنكار علي لما شاهدوه بخطي في الكتب التي أبرأ إلى الله تعالى منها واتحقق أنني كنت مخطئا غير مصيب.

ومتى حفظ علي ما ينافي هذا الخط وهذا الإقرار فلإمام المسلمين أعز الله سلطانه مكافاتي على ذلك بما يوجبه الشرع من ردع ونكال وإبعاد وغير ذلك وأشهدت الله تعالى وملائكته وأولي العلم على جميع ذلك غير مجبر ولا مكره وباطني وظاهري في ذلك سواء.

قال الله تعالى: { ومن عاد فينتقم الله منه والله عزيز ذو انتقام }.

ثم كتب الشهود خطوطهم وهذه نسختها.

أشهدني المقر على إقراره بجميع ما تضمنه هذا الكتاب وكتب عبد الله بن رضوان في المحرم سنة خمس وستين وأربعمائة.

بمثل ذلك أشهدني وكتب محمد بن عبد الرزاق بن أحمد بن السني في التاريخ.

أشهدني المقر على إقراره بجميع ما تضمنه هذا الكتاب وكتب الحسن بن عبد الملك بن محمد بن يوسف بخطه.

سمعت إقرار المقر بذلك وكتب محمد بن أحمد بن الحسن.

أشهدني المقر على نفسه بذلك وكتب علي بن عبد الملك بن محمد بن يوسف آخرها.

وكتب محمد بن عبد الباقي بن محمد بن عبد الله وحضر في هذا اليوم في مسجد الشريف خلق كثير.

فهذه الفضيحة من جملة ما تاب منه إلى الله تعالى وأقر بأنه ضلال وبدعة وأنه متى وجد بخطه وجبت مقابلته عليه وينتقم الله منه.

فكيف يحتج بقول هذا محتج أو يغتر به مغتر أو يقول به قائل أو يتعلق به متعلق مع شهادة قائله عليه بالضلال وإجماع العلماء من أهل بلدته على استتابته منه وإهدار دمه به وبأمثاله وهذا أدل شيء على خطئه وضلاله وإن كانت هذه المقالة صدرت منه بعد توبته فهذا دليل على زندقته وإصراره على بدعته ورجوعه إلى ضلالته.

فإن معنى الزندقة إظهار الحق واعتقاد خلافه وهو النفاق الذي كان على عهد رسول الله ويسمى اليوم الزندقة.

وهذا الرجل قد صنف في نفي تأويل الصفات والرد على متأولها جزءا مفردا وصنف في الحرف والصوت جزءا مفردا وصنف كتاب الانتصار للسنة وغيرها من الكتب وملأها من السنة والرد على المبتدعة.

فإن كان يظهر ذلك ويبطن هذا ويعتقده فهو زنديق فكيف يجوز أن يحتج محتج بمقالته أو يرضى لنفسه بمثل حاله أو يضل بضلالته ونعوذ بالله تعالى ولا يظن به هذا ولكن لما علمت منه حالتان حالة بدعة وحالة توبة نسبنا كل ما وجد من كلامه من البدع إلى حالة البدعة لا غير.

وما عادتي ذكر معائب أصحابنا وإنني لأحب ستر عوراتهم ولكن وجب بيان حال هذا الرجل حين اغتر بمقالته قوم واقتدى ببدعته طائفة من أصحابنا وشككهم في اعتقادهم حسن ظنهم فيه واعتقادهم أنه من جملة دعاة السنة.

فوجب حينئذ كشف حاله وإزالة حسن ظنهم فيه ليزول عنهم اغترارهم بقوله وينحسم الداء بحسم سببه.

فإن الشيء يزول من حيث ثبت وبالله التوفيق والمعونة ونسأل الله تعالى أن يثبتنا على الإسلام والسنة.

وعلى كل حال فهو قد نفر من التقليد وأنكر حسن الظن بالمشايخ.

فكيف يحسن الظن فيمن ينكر حسن الظن به وكيف يقبل قول من ينهى عن قبول قول غيره وينبغي لنا أن نقبل قوله في نفسه فيساء الظن به ولا نقبل قوله في غيره كمن أقر بشيء عليه وعلى غيره قبل قوله عليه ولم يقبل على غيره.

وها أنا أجيب عن مقالته إن شاء الله تعالى فصلا فصلا وأبين عوار كلامه فرعا وأصلا بتوفيق الله ومعونته.

أما قوله إنا كنا أعزاء بين أهل المذاهب فها نحن اليوم سبعون منفيون محصورون إلى آخر كلامه.

فهذا إيماء منه إلى أن أسلافنا رحمهم الله تعالى كانوا على قول ونحن على غيره وأننا أحدثنا مقالة غير مقالتهم استحققنا بها العقوبة.

وهذا كذب وفرية وقول من لا حياء له ولا دين فليخبرنا أي شيء أحدثناه وأي مقالة خالفنا فيها أسلافنا فإن قال تركتم تأويل الآيات والأخبار الواردة في الصفات وادعى أن السلف تأولوها وفسروها فقد أفك وافترى وجاء بالطامة الكبرى.

فإنه لا خلاف في أن مذهب السلف الإقرار والتسليم وترك التعرض للتأويل والتمثيل.

ثم إن الأصل عدم تأويلهم فمن ادعى أنهم تأولوها فليأت ببرهان عل قوله.

وهذا لا سبيل إلى معرفته إلا بالنقل والرواية.

فلينقل لنا ذلك عن رسول الله أو عن صحابته أو عن أحد من التابعين أو الأئمة المرضيين.

ثم المدعي لذلك من أهل الكلام وهم أجهل الناس بالآثار وأقلهم علما بالأخبار وأتركهم للنقل.

فمن أين لهم علم بهذه ومن نقل منهم شيئا لم يقبل نقله ولا يلتفت إليه.

وإنما لهم الوضع والكذب وزور الكلام.

ولا خلاف بين أهل النقل سنيهم وبدعيهم في أن مذهب السلف رضي الله عنهم في صفات الله سبحانه وتعالى الإقرار بها والإمرار لها.

والتسليم لقائلها وترك التعرض لتفسيرها بذلك جاءت الأخبار عنهم مجملة ومفصلة.

فروي عن مالك بن أنس والأوزاعيوسفيان الثوريوسفيان بن عيينةومعمر بن راشد في الأحاديث في الصفات: أمروها كما جاءت.

وقال أبو عمر بن عبد البر في كتاب العلم: ما جاء عن النبي من نقل الثقات وصح عن الصحابة رضي الله عنهم فهو علم يدان به. وما أحدث بعدهم ولم يكن له أصل في ما جاء عنهم فهو بدعة وضلالة. وما جاء في أسماء الله وصفاته عنهم نسلم له ولم نناظر كما لم يناظروا. ورواها السلف وسكتوا عنها وكانوا أعمق الناس علما وأوسعهم فهما وأقلهم تكلفا ولم يكن سكوتهم عن عي. فمن لم يسعه ما وسعهم فقد خاب وخسر.

وروى محمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة أنه: أجمع أهل العلم في المشرق والمغرب على أن هذه الأحاديث التي جاءت في الصفات لا تفسر، أو كما قال.

وقال حنبلي سألت أبا عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل رضي الله عنه عن هذه الأحاديث التي تروي أن الله تبارك وتعالى يرى وأنه ينزل إلى سماء الدنيا وأنه يضع قدمه وما أشبه ذلك. فقال أبو عبد الله رضي الله عنه: نؤمن بها ونصدق بها ولا نرد منها شيئا إذا كانت بأسانيد صحاح، ولا نرد على الرسول قوله، ونعلم أن ما جاء به الرسول حق ولا يوصف الله تعالى بأكثر مما وصف به نفسه بلا حد ولا غاية ليس كمثله شيء وهو السميع البصير. فنقول كما قال ونصفه كما وصف نفسه لا نتعدى ذلك ولا نزيل عنه صفة من صفاته لشناعة شنعت.نؤمن بهذه الأحاديث ونقرها ونمرها كما جاءت بلا كيف ولا معنى إلى على ما وصف به نفسه تبارك وتعالى وهو كما وصف نفسه سميع بصير بلا حد ولا تقدير. صفاته منه وله. لا نتعدى القرآن والحديث والخبر ولا نعلم كيف ذاك إلا بتصديق الرسول وتثبيت القرآن.

وقال أبو عبد الله: حدثنا وكيع يوما بحديث من هذه الأحاديث فاقشعر زكرياء بن عدي فقال وكيع وغضب أدركنا الأعمش وسفيان يحدثون بهذه الأحاديث ولا ينكرونها.

وهذا مما لا نعلم فيه بين سلفنا رحمهم الله اختلافا والمنكر له إما جاهل أو متجاهل قليل الدين والحياء لا يخاف من الله تعالى إذا كذب ولا يستحيي من الناس إذا كذب.

ونحن على طريقة سلفنا وجادة أئمتنا وسنة نبينا ما أحدثنا قولا ولا زدنا زيادة بل آمنا بما جاء وأمررناه كما جاء وقلنا بما قالوا وسكتنا عما سكتوا عنه وسلكنا حيث سلكوا فلا وجه لنسبة الخلاف والبدعة إلينا.

وإنما تكلم ابن عقيل على حال نفسه في حال بدعته حين أحدث في دين الله تعالى وخالف سلفه وأئمته وسادة أهل مذهبه واتبع أهل الكلام والبدع وفارق السنة وأخذ في البدعة أهدر دمه وأخيف سربه وقصد بالأذى والتشريد والإخافة والتطريد وصار ذليلا حقيرا فنسب حاله إلى من سواه وجعل الحدث منه حادثا ممن عداه وكسى وصفه لغيره وعير أهل السنة بمثل ذنبه.

كما قيل رمتني بدائها وانسلت.

أما أهل السنة المتبعون للآثار السالكون طريق السلف الأخيار فما عليهم غضاضة ولا يلحقهم عار منهم العلماء العاملون ومنهم الأولياء والصالحون ومنهم الأتقياء الأبرار والأصفياء والأخيار أهل الولايات والكرامات وأهل العبادات والاجتهادات بذكرهم تزين الكتب والدفاتر وأخبارهم تحسن المحافل والمحاضر تحيا القلوب بذكر أخبارهم وتحصل السعادة باقتفاء آثارهم بهم قام الدين وبه قاموا وبهم نطق الكتاب وبه نطقوا وهم مفزع الخلق عند اشتداد الأمور عليهم فالملوك فمن دونهم يقصدون زياراتهم ويتبركون بدعائهم ويستشفعون إلى الله سبحانه وتعالى بهم.

فنحن أصحاب المقامات الفاخرة ولنا شرف الدنيا والآخرة ومن نظر في كتب العلماء التي أفردت لذكر الأولياء لم يجد فيها إلا منا ومتى نقلت الكرامات لم تنقل إلا عنا ومتى أراد واعظ أو غيره يطيب مجلسه ويزينه زينه بأخبار بعض زهادنا أو كرامات عبادنا أو وصف علمائنا وعند ذكر صالحينا تنزل الرحمة وتطيب القلوب ويستجاب الدعاء ويكشف البلاء ولله در القائل:

ذهبت دولة أصحاب البدع ** ووهى حبلهم ثم انقطع

وتداعى بانصداع شملهم ** حزب إبليس الذي كان جمع

هل لكم بالله في بدعتكم ** من فقيه أو إمام يتبع

مثل سفيان أخي الثوري الذي ** علم الناس خفيات الورع

أو سليمان أخي التيم الذي ** هجر النوم لهول المطلع

أو إمام الحرمين مالكا ** ذلك البحر الذي لا ينتزع

أو فقيه الشام أوزاعيها ** ذاك لو قارعه القرا قرع

أو فتى الإسلام أعني أحمدا ** ذاك حصن الدين إن حصن منع

لم يخف سوطهم إذ خوفوا ** لا ولا سيفهم حين لمع الرمل

أما هو حزبه من أهل الكلام فما ذكرهم إلا ذمهم والتحذير منهم والتنفير من مجالستهم والأمر بمباينتهم وهجرانهم وترك النظر في كتبهم لا يثبت لأحد منهم قدم في الولاية ولا يقوم لهم في الصالحين راية ولا يكون لأحد منهم كرامة ولا يرون ربهم في الآخرة ولا كرامه يكذبون بكرامات الصالحين وينكرون نعمة الله على عباده المؤمنين فهم في الدنيا ممقوتون وفي الآخرة معذبون لا يفلح منهم أحد ولا يوفق لاتباع رشد.

قال الإمام أحمد: لا يفلح صاحب كلام أبدا ولا يرى أحد نظر في الكلام إلا في قلبه دغل.

وقال الإمام الشافعي: ما ارتدى أحد بالكلام فأفلح.

وقال: حكمي في أهل الكلام أن يضربوا بالجريد ويطاف بهم في العشائر والقبائل ويقال هذا جزاء من ترك الكتاب والسنة وأخذ في الكلام.

وقال أبو يوسف: من طلب العلم بالكلام تزندق.

وقال أبو عمر بن عبد البر: أجمع أهل الفقه والآثار من جميع أهل الأمصار أن أهل الكلام أهل بدع وزيغ لا يعدون عند الجميع في طبقات العلماء وإنما العلماء أهل الأثر والمتفقه فيه.

وقال أحمد بن إسحاق المالكي: أهل الأهواء والبدع عند أصحابنا هم أهل الكلام فكل متكلم من أهل الأهواء والبدع أشعريا كان أو غير أشعري لا تقبل له شهادة ويهجر ويؤدب على بدعته فإن تمادى عليها استتيب منها.

وذم أهل الكلام كثير، وابن عقيل من أهل الكلام وهو في هذه الحالة ينصر مذهبهم فلذلك تكلمنا عليه وذكرنا عيوبه لدخوله في جملتهم ودعايته إلى طريقهم.
فصل

وأما قوله فإن الأحمق من اغتر بأسلافه وسكن إلى مقالة أشياخه آنسا بتقليدهم من غير بحث عن مقالتهم فهذا كلام مسموم رديء يشير به إلى ذم اتباع طريقة السلف الصالح رضي الله عنهم ويعيب ما مدحه أئمتنا رحمة الله عليهم وما أوصونا به من لزوم طريقهم والاهتداء بهديهم ويدعو إلى مقالة أهل الكلام والنظر في المعقولات وهو علم الكلام الذي ذكرنا عن الأئمة رحمة الله عليهم ذمه وإفضاءه بصاحبه إلى الزندقة والبدعة وعدم الفلاح.

وقد ظهر برهان قولهم في ابن عقيل فإنه حين اشتغل به وآثره على علم الأثر صار زنديقا داعية إلى ترك اتباع السلف المتفق على صوابهم المجمع على هدايتهم الذين أخبر الله تعالى برضاه عنهم واختياره لهم ومدحهم وأثنى عليهم وحسبك بمن مدحه الله تعالى وأثنى عليه وخبر من وصى بهم النبي وحث الناس على اتباعهم والاقتداء بهم.

ثم لم يزل أئمتنا وعلماؤنا يحثوننا على التمسك بهديهم والسير بسيرتهم فجاء هذا المسكين يحذرنا منهم ويريد منا أن نسيء الظن بهم.

ونهجر طريقتهم ونصير إلى اتباع أهل الكلام والاقتداء بهم وهذا من أدل الأشياء على ضلاله وقبح مقاله فإنه لولا مخالفته لهم وسلوكه غير طريقتهم لما نفرنا منهم.

على أنه قد قال في آخر هذه المقالة فالله الله الزموا طريقة السلف الصالح فناقض كلامه هذا تسترا بعد أن فضح نفسه وكشف الستر عنها بذمه لقولهم وتنفيره من اتباعهم ودعايته إلى مخالفتهم.

ولسنا ممن يقبل قوله في ذم من مدحه الله تعالى ورسوله والأئمة ولا نهجر طريقة من أمرنا بسلوكها لقوله.

قال الله تعالى: { والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه }، وقال سبحانه وتعالى: { محمد رسول الله والذين معه } الآية.

وقال النبي: «خير الناس قرني ثم الذين يلونهم».

وقال النبي: «لا تسبوا أصحابي فإن أحدكم لو أنفق مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه».

وقال: «إن الله اختارني واختار أصحابي فجعل لي منهم أصهارا وأنصارا».

وقال: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، عضوا عليها بالنواجذ».

وقال: «اقتدوا بالذين من بعدي أبو بكر وعمر».

وقال: "أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم".

وقال حين ذكر الفرق إنها «كلها في النار إلا واحدة» قيل من الواحدة قال: «ما أنا عليه وأصحابي».

ويروى عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: إن الله نظر في قلوب العباد فوجد قلب محمد خير قلوب العباد فبعثه برسالته. ثم نظر في قلوب العباد فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد بعده فاختارهم لصحبة نبيه ونصرته ولم يزل أئمتنا يحثوننا على اتباع سبيلهم والاهتداء بهديهم.

وقال ابن مسعود رضي الله عنه: من كان منكم متأسيا فليتأس بأصحاب رسول الله فإنهم كانوا أبر هذه الأمة قلوبا وأعمقها علما وأقلها تكلفا وأقربها هديا وأحسنها حالا قوم اختارهم الله لصحبة نبيه وإقامة دينه فاعرفوا لهم فضلهم واتبعوا آثارهم فإنهم كانوا على الهدى المستقيم.

وروي عن الحسن البصري رحمه الله تعالى بعض هذا الكلام أو قريب منه.

وقال ابن مسعود رضي الله عنه: اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم.

وقال رضي الله عنه:إنا نقتدي ولا نبتدي ونتبع ولا نبتدع، ولن نضل ما تمسكنا بالأثر.

وقال رضي الله عنه: أنا لغير الدجال أخوف عليكم من الدجال أمور تكون من كبرائكم فأيما مرية أو رجيل أدرك ذلك الزمان فالسمت الأول فأنا اليوم على السنة.

وقال حذيفة بن اليمان: يا معشر القراء خذوا طريق من قبلكم فوالله لئن استقمتم لقد سبقتم سبقا بعيدا ولئن تركتموه يمينا وشمالا لقد ضللتم ضلالا بعيدا.

وقال الإمام أحمد رضي الله عنه: أصول السنة عندنا التمسك بما كان عليه أصحاب رسول الله والاقتداء بهم وترك البدع وكل بدعة ضلالة.

وروي عن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه كلام معناه: قف حيث وقف القوم فإنهم عن علم وقفوا وببصر ناقد قد كفوا وإنهم على كشفها كانوا أقوى وبالفضل لو كان فيها أحرى فلئن قلتم حدث بعدهم فما أحدثه إلا من سلك غير سبيلهم ورغب بنفسه عنهم ولقد تكلموا منه بما يكفي ووصفوا منه ما يشفي فما دونهم مقصر وما فوقهم مجسر لقد قصر عنهم قوم فجفوا وطمح آخرون عنهم فغلوا وإنهم فيما بين ذلك لعلى هدى مستقيم.

وقال الأوزاعي إمام أهل الشام رحمه الله تعالى: صبر نفسك على السنة وقف حيث وقف القوم واسلك سبيل سلفك الصالح فإنه يسعك ما وسعهم وقل بما قالوا وكف عما كفوا ولو كان هذا خيرا ما خصصتم به دون أسلافكم فإنه لم يدخر عنهم خير خبئ لكم دونهم لفضل عندكم وهم أصحاب رسول الله اختارهم الله تعالى وبعثه فيهم ووصفهم فقال: { محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم } الآية.

وسأل رجل الحسن بن زياد اللؤلؤي عن زفر بن الهذيل: أكان ينظر في الكلام؟ فقال: سبحان الله ما أحمقك ما أدركت مشيختنا زفر وأبا يوسف وأبا حنيفة ومن جالسنا وأخذنا عنهم يهمهم غير الفقه والاقتداء بمن تقدمهم.

فهؤلاء الأئمة وهذا قولهم يحثوننا على اتباع سلفنا والاقتداء بهم. أفترانا نترك قول الله سبحانه وتعالى وقول رسوله ووصية أئمتنا في ترك اتباع سلفنا ونقبل قول ابن عقيل في قوله دعوا الاقتداء بهم وقلدوني واتبعوا قولي وقول أمثالي من المتكلمين. ولسان حاله يقول أنا الكثير الزلات أنا المعروف بالبدع والضلالات أنا الكثير العثار أنا الجاهل بالآثار أنا المختار علم الكلام المذموم على علم نبينا المختار فاتبعوني ودعوا اتباعه فإنه يدعوكم إلى النجاة وأنا أدعوكم إلى النار.

ثم لا خلاف بيننا أن الإجماع حجة قاطعة، فإذا اجتمعت الصحابة رضي الله عنهم على أمر ثم اتبعهم عليه أئمة التابعين واقتدى بهم من بعدهم من الأئمة في كل عصر وزمان وحث بعضهم بعضا على التمسك به وحذروا أصحابهم من مخالفته فكيف يقال لمتبع ذلك أحمق مغتر إنما الأحمق المغتر المخطئ المبتدع هو المخالف لذلك الراغب عنه.

قال الله تعالى: { ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا }.

فإن قال إنما أمرتم بالاجتهاد والمصير إلى ما دل عليه الدليل ونهيتم عن التقليد المذموم؟

قلنا: الجواب عن هذا من أوجه:

أحدها أن طريق السلف قد ثبت بالدليل القاطع سلامته وصحة حجته من الكتاب والسنة والإجماع فلا حاجة إلى الكشف عن صحته بدليل آخر.

الثاني أن في هذا القول إلزاما للعامة بالاجتهاد في دقائق الأمور والاعتقادات وهذا خطأ من وجوه:

أحدها أن فيه تخطئة رسول الله فإن النبي لم يأمر أحدا من أمته بعلم الكلام والنظر في أدلة العقول ليعرف به صحة معتقده بل قنع منهم بمجرد الإسلام.

وقال: أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله تعالى. أفترى يكون النبي مخطئا في قبول ذلك منهم وقناعته بمجرد إسلامهم من أن يتعلموا علم الكلام وينظروا في العرض والجوهر والجسم ويكون المتكلمون هم المصيبون في خطأ من لم يتعلم ذلك ولم ينظر فيه فإن كان هذا هكذا فليدعوا لأنفسهم شريعة ودينا غير دين الإسلام ويدعوا دين محمد.

الثاني أن تكليف العامة الاجتهاد تكليف ما لا يطاق. فإنهم لو اشتغلوا بعلم ما يصيرون به مجتهدين لانقطعوا عن المعايش والحراثة والزراعة وخربت الدنيا وهلك الخلق وانقطع النسل وترك الجهاد وخربت الدنيا ولا سبيل إلى هذا وقد قال الله تعالى: { لا يكلف الله نفسا إلا وسعها }.

الثالث أن الإجماع منعقد على أن العامة لا يكلفون الاجتهاد في أحكامهم وأن لهم تقليد العلماء في أمورهم وكذلك أمرهم الله تعالى بسؤال علمائهم فقال: { فسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون }.

الرابع أن في القول بوجوب الاجتهاد على الكل حكما على عامة الخلق بالضلال لتضييعهم الواجب عليهم. وإنما الذي قيل إنه لا يجوز لهم التقليد هو الأمر الظاهر الذي قد علموه لظهوره من غير احتياج إلى تعب ولا فكر ولا نظر كتوحيد الله سبحانه وتعالى ورسالة محمد ومعرفة وجوب الصلوات الخمس وصوم رمضان وسائر الأركان التي اشتهر وجوبها وعلم ذلك بالإجماع عليها فلا يحتاج فيه إلى بحث ولا نظر فهذا لا يجوز تقليدهم فيه.

وأما دقائق الاعتقادات وتفاصيل أحكام العبادات والبياعات فما يقول بوجوب اجتهادهم فيها إلا جاهل وهو باطل بما ذكرناه.

ثم إن اغتر مغتر بقول ابن عقيل هذا ولم يقنع باتباع سلفه ولا رضي باتباع أئمته ولم يجوز تقليدهم في مثل السكوت عن تأويل الصفات التي وقع الكلام فيها فكيف يصنع فهل له سبيل إلى معرفة الصحيح من ذلك باجتهاد نفسه ونظر عقله ومتى ينتهي إلى حد يمكنه التمييز بين صحيح الدليل وفاسده فهذا ابن عقيل الذي زعم أنه استفرغ وسعه في علم الكلام مع الذكاء والفطنة في طول زمانه ما أفلح ولا وفق لرشد بل أفضى أمره إلى ارتكاب البدع المضلات والخطأ القبيح ومفارقة الصواب حتى استتيب من مقالته وأقر على نفسه ببدعته وضلالته.

فأنت أيها المغتر بقوله هذا متى تبلغ إلى درجته فإذا بلغتها فما الذي أعجبك من حالته حتى تقتدي به وقد ذكرنا ما قاله الأئمة في ذم الكلام وأهله ونسأل الله السلامة.

الوجه الخامس إننا إذا نظرنا في الدليل وجدناه يقضي خلاف ما دعا إليه ابن عقيل من الإيمان بالآيات وأخبار الصفات مع الإقرار والتسليم وترك التأويل والتعطيل والتشبيه والتمثيل على ما هو مذهب السلف الصالح والأئمة المرضيين رحمة الله عليهم أجمعين.

وبيان ذلك من وجوه تسعة:

أحدها قول الله سبحانه وتعالى: { هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله } فذم متبع التأويل وقرنه بمبتغي الفتنة في الذم وجعل ابتغاءه لذلك علامة على الزيغ فدل ذلك على أن ابتغاءه غير جائز. ثم قطعهم عما أملوه وحجبهم عن بلوغ ما ابتغوه بقوله سبحانه وتعالى وما يعلم تأويله إلا الله. ثم قال سبحانه وتعالى: { والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولوا الألباب }. ثم سألوا ربهم أن لا يجعلهم مثل متبعي التأويل الزائغين فقالوا: { ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا }.

الوجه الثاني أنه لو كان تأويل ذلك واجبا لبينه النبي لأمته فإنه لا يجوز تأخير البيان عن وقته ولأنه لو وجب علينا التأويل لوجب عليه فإنه مساو لنا في الأحكام ولو وجب عليه لما أخل به ولأنه حريص على أمته لم يكتم عنهم شيئا أمره الله به. وقد قال الله تعالى: { يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته }.

الوجه الثالث أنه قد ثبت أن مذهب السلف رضي الله عنهم ومن بعدهم من الأئمة في هذه الآيات الإقرار والإمرار والرضاء والتسليم من غير تأويل ولا تعطيل وقد بينا بالدليل أن مذهبهم الحق وأنهم على الهدى المستقيم فلا يجوز مخالفة سبيلهم ولا العدول عن طريقهم.

الوجه الرابع أن التأويل حكم على الله تعالى بما لا يعلمه المتأول وتفسير مراده بما لا يعلم أنه أراده. فإن أكثر ما عند المتأول أن هذه اللفظة تحتمل هذا المعنى في اللغة وليس يلزم من مجرد إحتمال اللفظ للمعنى أن يكون مرادا به فإنه كما يحتمل هذا المعنى يحتمل غيره وقد يحتمل معاني أخر لا يعلمها. وليس له إحاطة بمقتضى اللغات لا سيما المتكلمين فإنهم بعداء من معرفة اللغات والعلوم النافعة.

وقد حرم الله تعالى عليه القول بغير علم فقال تعالى: { قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير حق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون }.

الوجه الخامس أن التأويل حدث في الدين. فإن الحدث كل قول في الدين ماتت الصحابة رضي الله عنهم على السكوت عنه.

والحدث في الدين هو البدعة التي حذرناها نبينا وأخبرنا أنها شر الأمور؛ فقال ﷺ: «شر الأمور محدثاتها». وقال: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة». والمتأول تارك لسنة رسول الله وسنة الخلفاء الراشدين وهو محدث مبتدع ضال بحكم الخبر المذكور.

الوجه السادس أن التأويل تكلف وحمق وتنطع وكلام بالجهل وتعرض للخطر فيما لا تدعو إليه حاجة. فإنه لا حاجة لنا إلى علم معنى ما أراد الله تعالى من صفاته جل وعز فإنه لا يراد منها عمل ولا يتعلق بها تكليف سوى الإيمان بها. ويمكن الإيمان بها من غير علم معناها. فإن الإيمان بالجهل صحيح. فإن الله تعالى أمر بالإيمان بملائكته وكتبه ورسله وما أنزل إليهم وإن كنا لا نعرف من ذلك إلا التسمية. وقال سبحانه وتعالى: { قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم } الآية.

وقد نهينا عن التبدي والتنطع والتكلف. وقال الله تعالى لنبيه: { قل ما أسألكم من أجر وما أنا من المتكلفين }.

الوجه السابع أنه لو كان التأويل واجبا لم يخل إما أن يجب على الأعيان أو على من قام عنده دليله.

فإن وجب على الأعيان ولزم الخلق كلهم من عدم المعرفة بدليله ففيه تكليف القول بالجهل والتهجم على صفات الله سبحانه وتعالى وكتابه وآياته بالتخرص والحدس. وهذا حرام بالإتفاق.

وإن كان غير واجب على من لا يعلمه فكيف يأمرون به عامة الناس ومن لا يعلمه وينكرون عليهم تركه ولو كانوا ذوي تقوى أعفوا العامة عن التأويل وأمروهم بترك التعرض لما لا يعملون.

الوجه الثامن أن التأويل قول في كتاب الله تعالى وسنة رسوله بالرأي ومن قال في كتاب الله برأيه وإن أصاب فقد أخطأ.

وقد قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه حين سئل عن الأب فقال: أي سماء تظلني وأي أرض تقلني إذا قلت في كتاب الله تعالى ما لا أعلم.

الوجه التاسع أن المتأول يجمع بين وصف الله تعالى بصفة ما وصف بها نفسه ولا أضافها إليها وبين نفي صفة أضافها الله تعالى إليه.

فإذا قال معنى استوى استولى فقد وصف الله تعالى بالاستيلاء والله تعالى لم يصف بذلك نفسه ونفى صفة الاستواء مع ذكر الله تبارك وتعالى لها في القرآن في سبعة مواضع.

أفما كان الله سبحانه وتعالى قادرا على أن يقول استولى حتى جاء المتكلف المتأول فتطرف وتحكم على الله سبحانه وعلى رسوله تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا.

وإذا انسد باب التأويل من هذه الطرق كلها مع أن في واحد منها كفاية لم يبق إلا الطريق الواضح والقول السديد وسلوك سبيل الله تعالى التي دلت على استقامتها الآثار وسلكها الصحابة الأبرار والأئمة الأخيار ومضى عليها الصالحون واقتفاها المتقون وأوصى بلزمها الأئمة الناصحون الصادقون وهي الإيمان بالألفاظ والآيات والأخبار بالمعنى الذي أراده الله تعالى والسكوت عما لا نعلمه من معناها وترك البحث عما لم يكلفنا الله البحث عنه من تأويلها ولم يطلعنا على علمه واتباع طريق الراسخين الذين أثنى الله عليهم في كتابه المبين حين قالوا: { آمنا به كل من عند ربنا }.

فهذا الطريق السليم الذي لا خطر على سالكه ولا وحشة على صاحبه ولا مخافة على مقتفيه ولا ضرر على السائر فيه من سلكه سلم ومن فارقه عطب وندم وهو سبيل المؤمنين الذي دلت عليه السنة وسلكه صالح الأمة. { ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا }.

وعائب هذه المقالة لا يخلو إما أن يعيب الإيمان بالألفاظ أو السكوت عن التفسير أو الأمرين معا.

فإن عاب الإيمان بالألفاظ فهي قول رب العالمين ورسوله الصادق الآمين فعائبها كافر بالله العظيم.

ولأن عائب الإيمان بما لا يخلو من أن يكون مؤمنا بهما أو كافرا فإن كان مؤمنا بهما فكيف يعيب ما هو عليه وإن كفر بهما خرج من الإسلام وكفر بالإيمان.

قال الله تعالى: { وما يجحد بآياتنا إلا الكافرون }.

وإن عاب السكوت عن التفسير أخطأ.

فإننا لا نعلم لها تفسيرا ومن لم يعلم شيئا وجب عليه السكوت عنه وحرم عليه الكلام فيه.

قال الله تعالى: { ولا تقف ما ليس لك به علم }.

وذكر الله تعالى في المحرمات: {وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون }.

وإذا فعلنا ما أوجب الله تبارك وتعالى علينا وتركنا ما حرمه فلا وجه لعيبنا به، وإنما العيب على من خالف ذلك وعابه.

وأيضا فإن عائب هذه المقالة عائب على رسول الله فإنه كان يؤمن بالله وكلماته ولم يفسر شيئا من ذلك ولا بين معناه.

ومن عاب على رسول الله فليس بمؤمن به ومن عاب على رسول الله فهو المخطئ الآثم المعيب المذموم.

ثم العائب لها عائب على الراسخين الذين أثنى الله تعالى عليهم والأمر الذي مدحهم الله تعالى به من التسليم والإيمان.

ثم هو مزرٍ على السلف أجمعين.

ولا مرية في خطأ من عاب هؤلاء كلهم وبدعته وضلالته.

وإذا دخلنا نحن في جملة الذين أثنى الله تعالى عليهم وصوب فعلهم وقولهم لم يضرنا عيب مفتون مبتدع مخذول.

وإذا سلكنا سبيل ربنا تعالى التي رضيها لنا لم نبال برغم أنف من سلك سبيل إبليس اللعين المفضية به إلى سواء الجحيم.

وإذا أتتك مذمتي من ناقص ** فهي شهادة لي بأني فاضل

وعلى كل فليس لنا قول نعاب به.

إن عيبت علينا الألفاظ التي آمنا بها فما عِيبَ إلا قائلُها ولا كفروا إلا بالمتكلم بها وهو الذي يجازيهم على كفرهم وإلحادهم.

وإن عيب علينا السكوت فليس السكوت بقول ولا ينسب إلى ساكت قول.

وإن قالوا قد اعتقدتم التشبية منها فقد كذبوا علينا ونسبوا إلينا ما قد علم الله تعالى براءتنا منه.

ثم ليس لهم اطلاع على قلوبنا وإنما يعبر عما في القلب اللسان وألسنتا تصرح بنفي التشبيه والتمثيل والتجسيم فليس لهم أن يتحكموا علينا بأن ينسبوا إلينا ما لم يظهر منا ولم يصدر عنا.

والإثم على الكاذب دون المكذوب كما أن حد القذف على القاذف لا على المقذوف وكفانا مدحا وبراءة أن خصومنا لا يجدون لنا عيبا يعيبوننا به هم فيصادقون ونحن به مقرون وإنما يعيبوننا بكذبهم ولو قدروا على عيب لما احتاجوا إلى الكذب.
فصل

وأما قوله إن الإخبار يجب إطراحها لأنها أخبار آحاد وقد ثبت بأدلة العقول القطع بنفي التشبيه والتجسيم فالجواب عنه من وجهين:

أحدهما بيان وجوب قبول هذه الأخبار لوجهين أحدهما اتفاق الأئمة عل نقلها وروايتها وتخريجها في الصحاح والمسانيد وتدوينها في الدواوين وحكم الحفاظ المتفقين عليها بالصحة وعلى رواتها بالإتقان والعدالة فطرحها مخالف للإجماع خارج عن أهل الاتفاق فلا يلتفت إليه ولا يعرج عليه والثاني أن رواة هذه الأخبار هم نقلة الشريعة ورواة الأحكام وعليهم الاعتماد في بيان الحلال والحرام في الدين. وإذا أبطلنا قولهم بتأويلنا وجب رد قولهم ثم فتبطل الشريعة ويذهب الدين.

الجواب الثاني أننا لا نسلم له في جميعها أنها أخبار آحاد. فإن منها ما نقل من طرق كثيرة متواطئة يصدق بعضها بعضا ويشهد بعضها لبعض. فهي وإن لم تتواتر آحادها لكن حصل من المجموع القطع واليقين بثبوت أصلها ويكفي ذلك في التواتر. فإننا نقطع بسخاء حاتم وشجاعة علي وعدل عمر وعلم عائشة وخلافة الخلفاء الأربعة ولم ينقل إلينا فيها خبر واحد متواتر لكن تظاهرت الأخبار بها وصدق بعضها بعضا ولم يوجد لها مكذب فحصل التواتر بالمجموع. كذا ههنا.

وأما ما يموه به من نفي التشبيه والتجسيم فإنما هو شيء وضعه المتكلمون وأهل البدع توسلا به إلى إبطال السنن ورد الآثار والأخبار والتمويه على الجهال والأغمار ليوهموهم إنما قصدنا التنزيه ونفي التشبيه.

وهذا مثل عمل الباطنية في التمسك بأهل البيت وإظهار بحثهم إيهاما للعامة أنهم قصدوا نصرهم. وإنما تستروا بهم إلى إبطال الشريعة والتمكن من عيب الصحابة والخلفاء الراشدين رضوان الله عليهم بنسبتهم إليهم وظلم أهل البيت والتعدي عليهم.

كذلك طائفة المتكلمين والمبتدعة تمسكوا بنفي التشبيه توسلا إلى عيب أهل الآثار وإبطال الأخبار وإلا فمن أي وجه حصل التشبيه إن كان التشبيه حاصلا من المشاركة في الأسماء والألفاظ فقد شبهوا الله تعالى حيث أثبتوا له صفات من السمع والبصر والعلم والقدرة والإرادة والحياة مع المشاركة في ألفاظها.

و«لله تسعة وتسعون اسما» ليس فيها ما لا يسمى به غيره إلا اسم الله تعالى والرحمن، وسائرها يسمى بها غيره سبحانه وتعالى ولم يكن ذلك تشبيها ولا تجسيما.

ثم كيف يعملون في الآيات الواردة في الصفات فهل لهم سبيل إلى ردها أو طريق في إبطالها أو يثبتونها مع التشبيه في زعمهم ولقد علموا إن شاء الله أن لا تشبيه في شيء من هذا ولكنهم قبحهم الله تعالى يبهتون ولا يستحيون.

وإن كان الله تعالى قد أعمى قلوبهم حتى ظنوا ذلك فما هو ببعيد. فقد رأينا من ينسب قول الله تعالى وقول رسوله إلينا على وجه العيب لنا بها فيقول أنتم تقولون { الرحمن على العرش استوى }. وأنتم تقولون: { وكلم الله موسى تكليما }وأنتم تقولون: « ينزل الله كل ليلة إلى سماء الدنيا «».

وهذا كلام الله تبارك وتعالى الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد وكلام رسوله؛ حملتهم العصبية وعمى القلب على أن جعلوه كلاما لنا ثم عابوه علينا.

ومن عاب كتاب الله تعالى وسنة رسوله فليس بمسلم.

ومن جعل كلام الله تعالى كلاما لغيره فهو جاهل غبي.

وسمعت بعض أصحابنا يقول سمعت قوما يقولون: الحنابلة يقولون: { الرحمن على العرش استوى }. قال فقلت لهم يا قوم الله الله إنكم لتنسبون إلى الحنابلة شيئا ما يصلحون له ولا يبلغون إليه. هذا قول الله سبحانه وتعالى، { قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا }.

فجعلتموه قولا للحنابلة ورفعتم قدرهم حتى جعلتموهم أهلا لذلك.

وإنما يحصل التشبيه والتجسيم ممن حمل صفات الله سبحانه وتعالى على صفات المخلوقين في المعنى ونحن لا نعتقد ذلك ولا ندين به بل نعلم أن الله تبارك وتعالى { ليس كمثله شيء وهو السميع البصير } وأن صفاته لا تشبه صفات المحدثين وكل ما خطر بقلب أو وهم فالله تعالى بخلافه لا شبيه له ولا نظير ولا عدل ولا ظهير { ليس كمثله شيء وهو السميع البصير }.

وأما إيماننا بالآيات وأخبار الصفات فإنما هو إيمان بمجرد الألفاظ التي لا شك في صحتها ولا ريب في صدقها وقائلها أعلم بمعناها فآمنا بها على المعنى الذي أراد ربنا تبارك وتعالى فجمعنا بين الإيمان الواجب ونفي التشبيه المحرم.

وهذا أسدّ وأحسن من قول من جعل الآيات والأخبار تجسيما وتشبيها وتحيل على إبطالها وردها فحملها على معنى صفات المخلوقين بسوء رأيه وقبح عقيدته ونعوذ بالله من الضلال البعيد.
فصل

وأما قوله هاتوا أخبرونا ما الذي يظهر لكم من معنى هذه الألفاظ الواردة في الصفات فهذا قد تسرع في التجاهل والتعامي كأنه لا يعرف معتقد أهل السنة و قولهم فيها وهو قوله وقد تربى بين أهلها وعرف أقوالهم فيها وإن كان الله سبحانه وتعالى قد أبكمه وأعمى قلبه إلى هذا الحد بحيث لا يعلم مقالتهم فيها مع معاشرته لهم واطلاعه على كتبهم ودعواه الفهم فالله على كل شيء قدير.

وكم قد شرح هو مقالة أهل السنة في هذه المسألة وبين الحق فيها بعد توبته من هذه المقالة وبين أنه إذا سألنا سائل عن معنى هذه الألفاظ قلنا لا نزيدك على ألفاظها زيادة تفيد معنى بل قراءتها تفسيرها من غير معنى بعينه ولا تفسير بنفسه ولكن قد علمنا أن لها معنى في الجملة يعلمه المتكلم بها فنحن نؤمن بها بذلك المعنى.

ومن كان كذلك كيف يسأل عن معنى وهو يقول لا أعلمه وكيف يسأل عن كيفية ما يرى أن السؤال عنه بدعة والكلام في تفسيره خطأ والبحث عنه تكلف وتعمق أو ما سمع حكاية مالك بن أنس رحمه الله تعالى ورضي الله عنه حين سئل عن قوله تعالى الرحمن على العرش استوى كيف استوى؟ فأطرق حتى علاه الرحضاء ثم رفع رأسه فقال: الاستواء غير مجهول والكيف غير معقول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة، ثم أمر الرجل فأخرج.
فصل

وأما قوله إنكم بدعتم مخالفيكم في هذه الأصول وسوغتم مخالفة أصحابكم فيها فكذب وبهتان.

فإننا لا نسوغ لأحد مخالفة السنه كائنا من كان. وإن كان من أصحابنا فنحن عليه أشد إنكارا من غيره.

ودليل ذلك أنك منتسب إلى أصحابنا وإمامنا فإذ صدرت منك هذه المقالة بدعناك وهجرك أصحابنا وأحلوا دمك ولولا توبتك ورجوعك لكنا عليك أشد ومنك أبعد.

ونحن لا نبدع إلا من بدعته السنة ولا نقول شيئا من عندنا ولكن النبي قال كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة.

فمن أحدث في الدين خلاف ما أتى عن رسول الله وخالف أصحابه رضي الله عنهم وترك قول الأئمة والفقهاء في الدين ورجع إلى قول المتكلمين ودعا إلى خلاف السنة فقد ابتدع وإنه تعالى حسيبه والمجازي له إن شاء تاب عليه وإن شاء أضله وحق القول عليه والله سبحانه وتعالى الفعال لما [ يريد ].
فصل

وأما قوله في مسألة القرآن فالكلام فيها في فصلين أحدهما في الصوت الذي بدأ بإنكاره.

فنقول ثبت أن موسى سمع كلام الله تبارك وتعالى منه بغير واسطة.

فإنه لو سمعه من شجرة أو حجر أو ملك لكان بنو إسرائيل أفضل منه في ذلك لأنهم سمعوه من موسى نبي الله وهو أفضل من الشجرة والحجر.

فلم سُمّي موسى إذا كليم الرحمن ولم قال الله تعالى: { يا موسى إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي }، وقال تعالى: { فلما أتاها نودي يا موسى إني أنا ربك } ولا يقول له هذا إلا الله تعالى.

وإذا ثبت هذا فالصوت ما سمع وما يتأتى سماعه.

وقد جاء ذكر الصوت مصرحا به في الأخبار الواردة.

قال عبد الله بن الإمام أحمد قلت لأبي: يا أبه إن الجهمية يزعمون أن الله تعالى لا يتكلم بصوت. فقال: كذبوا إنما يدورون على التعطيل.

ثم قال: حدثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي عن سليمان بن مهران الأعمش عن أبي الضحى عن مسروق عن عبد الله رضي الله عنه قال إذا تكلم الله بالوحي سمع صوته أهل السماء.

قال السجزي: وما في رواة هذا الحديث إلا إمام مقبول. وقد روي مرفوعا إلى رسول الله.

وفي حديث عبد الله بن أنيس رضي الله عنه أن الله تعالى يناديهم يوم القيامة بصوت يسمعه من بعد كما يسمعه من قرب أنا الملك أنا الديان وهو حديث مشهور.

وفي الآثار أن موسى لما ناداه ربه تعالى يا موسى أجاب سريعا استئناسا بالصوت فقال لبيك لبيك أين أنت أسمع صوتك ولا أرى مكانك. فقال: يا موسى أنا فوقك وعن يمينك وعن شمالك وبين يديك وخلفك - فعلم أن هذه الصفة لا تكون إلا لله تعالى - قال فكذلك أنت يا رب.

ومروي أن موسى لما سمع كلام الآدميين مقتهم لما وقر في أذنيه في سماع كلام الله تعالى.

وأما قوله إن الصوت اصطكاك في الهواء أو فقرع في الهواء، فهذيان محض ودعوى مجردة لا يشهد بصحتها خبر ولا معه فيها أثر ولا أقام به حجة ولا هو فيه على محجة.

فإذا قيل له لا نسلم أنه كذلك فما دليله؟

فإن قال هذا اصطلاحنا معشر المتكلمين؛ قلنا فهذا أبعد من الصواب وأقرب له إلى البطلان. فإنكم نبذتم الكتاب والسنة وعاديتم الله سبحانه وتعالى ورسوله. فما تكادون توفقون لصواب ولا ترشدون إلى حق ولا يقبل قولكم ولا يلتفت إلى اصطلاحكم.

فان قال هذا حد والحد لا يمنع.

قلنا ولم لا يمنع وهل سمعت بدعوى تلزم الخصم الانقياد لها بمجردها من غير ظهور صحتها أو إقامة برهان عليها.

فإن قال لا يمكن إقامة البرهان عليها.

قلنا: فهذا اعتراف بالعجز عن دليلها والجهل بصحتها. فإذا لم تعرف دليلها فبم عرفت صحتها ومن اعترف بالجهل بصحة ما يقول فقد كفى مؤنته واعترف لهم بجهله وبطلان قوله.

وكيف يصار إلى قول لا يدرى أصحيح هو أو باطل فكيف ينقاد خصمه إليه فيما هو معترف فيه بعمى نفسه وجهله به.

ومن العجب أن هؤلاء المتكلمين أعمى الله بصائرهم فوق ما قد أعماها يزعمون أنهم لا يرضون إلا بالأدله القاطعه والبراهين اليقينية، ويرَون الأخبار زعما منهم أنها أخبار آحاد لا تفيد علما يقينا ثم يستدلون بمثل هذا الذي لا يدل على شيء أصلا ولا ظاهرا لا يقينا بل هو بمجرد عمًى وهذيان يصوغه من عند نفسه ويخرجه من زبد معدته.

فإذا منعه وطولب بصحته لم يكن معه شيء يدل عليه سوى أنا قد اصطلحنا أن الحد لا يمنع.

أفترى إذا أعمى الله أبصارهم وبصائرهم يظنون أننا نقبل منهم مجرد دعواهم ونتابعهم على عماهم وإنما مثلهم في هذا كمثل أعمى يبول على سطح مستقبلا الناس بفرجه يحسب أن أحدا لا يراه لما عمي هو عن رؤية نفسه.

ثم تقول بل الصوت هو ما يتأتى سماعه.

وهذا هو الحد الصحيح الذي يشهد له العرف. فإن الصوت أبدا يوصف بالسماع.

فتعلق السماع بالصوت كتعلق الرؤية بالمرئيات ثم ثبت بالخبر الصحيح إضافة الصوت إلى الله تبارك وتعالى.

والنبي أعلم بالله تبارك وتعالى وأصدق من المتكلمين الذين لا علم لهم ولا دين ولا دينا ولا آخرة.

وإنما هم شر الخليقة الغالب عليهم الزندقة. وقد ألقى الله تعالى مقتهم في قلوب عباده وبغضهم إليهم.

ثم لو ثبت أن الصوت في المشاهدات يكون من اصطكاك الأجرام فلم يكون كذلك في صفات الله سبحانه وتعالى قولهم إن ما ثبت في حقنا يكون في الغائب مثله.

قلنا أخطأتم من وجوه ثلاثة:

أحدها تسميتكم الله تعالى غائبا. وأسماء الله تعالى وصفاته إنما توجد من الشرع. وأنتم قبحكم الله ما وجدتم لله تعالى من تسعة وتسعين اسما اسما تسمونه به حتى أحكيتم له من عندكم اسما ثم قد نفى الله سبحانه وتعالى هذا عن نفسه فقال تعالى وما كنا غائبين.

الثاني أنكم رجعتم إلى التشبيه الذي نفيه معتمدكم في رد كتاب الله تعالى وسنة رسوله وجعلتم الله تعالى مقيسا على عباده ومشابها لهم في صفاته وأسمائه. وهذا هو عين التشبيه فبعدا لكم.

الثالث أن هذا باطل بسائر صفات الله تعالى سلمتموها من السمع والبصر والعلم والحياة. فإنها لا تكون في حقنا إلا من أدوات.

فالسمع من انخراق والبصر من حدقة والعلم من قلب والحياة في جسم. ثم جميع الصفات لا تكون إلا في جسم.

فإن قلتم إنها في حق الباري كذلك فقد جسمتم وشبهتم وكفرتم، وإن قلتم لا تفتقر إلى ذلك فلم احتيج إليها ههنا؟

على أن ما ثبت بالكتاب والسنة لا يدفع بمجرد هذيان متكلمكم ولا نترك قول رسول الله لقول مبتدع متكلف.

ونحن لا نقبل قولهم فيما ليس كتاب فيه ولا سنة. ولا لهم عندنا قدر ولا محل.

فكيف نقبل في إبطال الكتاب والرد على السنة مع تمسكنا بها ولزومنا إياها وعضنا عليها بالنواجذ وحرصنا عليها حرص من يقطع بأن النجاة في لزومها والعطب في فراقها والخطأ والخذلان في خلافها ونسأل الله تعالى الثبات عليها في الحياة والممات إلى يوم نلقاه فيجزينا به ويجعلنا في زمرة شارعها.

وأما شبهته في قوله: «كجر السلسلة على الصفا» في أن هذا تشبيه فهذا اعتراض على سيد المرسلين محمد رسول الله الصادق الأمين ونسبة له إلى التمثيل والتجسيم.

ومن فعل هذا فقد مرق من الدين.

وليس الأمر كما زعم هذا المتخرص العديم الدين. ولكنه إنما أتي من فساد قصده وقلة فهمه.

وكم عائب قولا صحيحا ** وآفته من الفهم السقيم

وليس هذا تشبيها للمسموع. وإنما شبه السماع بالسماع أي سماعنا له كسماعنا لذلك.

كما قال عليه أفضل الصلاة والسلام في الخبر الآخر: «إنكم ترون ربكم كما ترون القمر لا تضامون في رؤيته» يعني أن رؤيتكم لربكم كرؤيتكم للقمر في أنه لا يراه البعض دون البعض. كالمتناول لا يحتاج في رؤيته إلى أن ينضم بعضهم إلى البعض. كما في رؤية الهلال يجتمع بعضهم إلى بعض ليريه من يراه من لم يره. ورؤية القمر ليست كذلك. ولهذا روي: لا تضامون، ولا تضامون في الضيم والضم جميعا.

وهذا كذلك في تشبيه السماع بالسماع لا المسموع بالمسموع.

ومن قصد الحق أرشده الله تعالى إلى الصواب فحصلت له الحكم والفوائد من كلام الله تعالى وكلام رسوله.

ومن قصد غير ذلك أعماه الله تعالى عن الهدى فصار القرآن والسنة عنده شبها فضل بها.

قال الله تعالى: { وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا }.

ونظير ذلك ضوء الشمس تضيء لصحيح البصر ومن ضعف بصره ومرضت عينه أعشاه ضوؤها فأعماه.

قال الشاعر:

العلم للرجل اللبيب زيادة ** ونقيصة للأحمق الطياش

مثل النهار يزيد أبصار الورى ** نورا ويعمي أعين الخفاش

وأما ما ذكر من تفاصيل شبهه الكلامية فلا نخوض معه فيها. ولكن علمنا بطلانها من أصلها.

وقد بينا بما سبق فساد علم الكلام من أصله وذم أئمتنا له واتفاق أهل العلم على أن أصحابة أهل بدع وضلالة وأنهم غير معدودين من أهل العلم وأن من اشتغل به يتزندق ولا يفلح.

وقد ظهر برهان قول الأئمة وصدقهم في صاحب هذه المقالة.

فإنه أفضت حاله إلى الزندقة والبدعة حتى بدع وضلل وأبيح دمه واحتاج إلى التوبة والإقرار على نفسه بأنه كان على البدعة والضلالة وأن المنكر عليه مصيب في إنكاره عليه.

وهذه المقالة من جملة الضلالات التي تاب منها والبدع التي رجع عنها.
فصل

وأما إثبات حروف القرآن فإن القرآن هو هذا الكتاب العربي المنزل على محمد الذي هو سور وآيات وحروف وكلمات. من قرأه فأعربه فله بكل حرف منه عشر حسنات. فمن أقر بهذا وعلمه فقد أقر بالحروف فلا وجه بعد ذلك لإنكاره ولا لمجمجته.

ومن أنكر هذا ففي القرآن أكثر من مائة آية ترد عليه؛ فإجماع المسلمين يكذبه وسنة رسول الله وقول أصحابه رضي الله عنهم ومن بعدهم بكفره.

فكم في القرآن من آية يقول فيها { إن هذا القرآن } وهذا إشارة إلى حاضر.

وكم فيه { ولقد صرفنا هذا في القرآن } { ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن } وكم فيه من آية وصفه فيها بأنه { عربي } وكم من آية تحداهم فيها بالإتيان بمثل هذا القرآن أو بسورة مثله، وكم فيه من نسبة الآيات إليه والسور والكلمات.

وقد أوعد الله تعالى من قال هذا قول البشر بإصلائه سقر.

ورد على من قال هو شعر بقوله: { وما علمناه الشعر وما ينبغي له إن هو إلا ذكر وقرآن مبين }.

ومن المعلوم أن الشعر إنما هو كلام موزون فلا يجوز نسبته إلا إلى الكلام المنظوم ذي الحروف والكلمات. وقد نفى الله تعالى عنه كونه شعرا وأثبته قرآنا.

ومثل هذا كثير. فلأي معنى يجحد الحروف بعد هذا مع أن لفظ الحروف قد نطق به النبي في أخباره وجاء عن أصحابه كثيرا وعن من بعدهم وأجمع الناس على عد حروف القرآن وآيه وكلماته وأجمعوا على أن من جحد حرفا متفقا عليه من القرآن فهو كافر.

فما الجحد له بعد ذلك إلا العناد.
فصل

فأما قوله فالله الله في هذا الإقدام وعليكم بما كان عليه السلف الصالح وترك الخوض في الله بما لم يرد به شرع ولا يطابقه عقل قلنا قد فعلنا ذلك بحمد الله ومنته من غير وصيته وأخذنا بما كان عليه سلفنا من غير نصيحته وفارقنا من فارقهم ورددنا على من خالفهم.

ومن جملة ذلك رددنا لقوله وتبينا فضيحته.

وأما هو فإنه بهذا القول آمر بالبر وناس نفسه وناه عن منكر ومخالف إلى ما نهى عنه.

والله تعالى يمقت على ذلك، قال الله تبارك وتعالى: { كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون }.

وعَيّر الله تعالى اليهود بقوله سبحانه وتعالى: { أتامرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم }.

وروينا في خبر عن النبي أنه قال: «يؤتى برجل يوم القيامة فيلقى في النار فتندلق أقتاب بطنه فيدور فيها كما يدور الحمار برحاه فيشرف عليه بعض من كان يعرفه في الدنيا فيقول أي فلان ما هذا وإنما معك كنا نعلم منك فيقول إني كنت آمركم بالأمر ولا آتيه وأنهاكم عن الأمر وآتيه» أو كما لفظ الخبر.

وقد أخبر الله تعالى عن شعيب ﷺ قوله: { وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه }.

وقالت الشعراء في ذلك أقوالا منها قول أبي الأسود:

يا أيها الرجل المعلم غيره ** هلا لنفسك كان ذا التعليم

أتراك تلقح بالرشاد عقولنا ** صفة وأنت من الرشاد عديم

لا تنه عن خلق وتأتي مثله ** عار عليك إذا فعلت عظيم

إبدأ بنفسك فأنهها عن غيها ** فإذا انتهت عنه فأنت حكيم

فهناك ينفع إن وعظت ويقتدى ** بالقول منك وينفع التعليم

وقال أبو العتاهية:

يا واعظ الناس قد أصبحت متهما ** إذ عبت منهم أمورا أنت تأتيها

كملبس الثوب من عري وعورته ** للناس بادية ما إن يواريها

وأعظم الذنب بعد الشرك تعلمه ** في كل نفس عماها عن مساويها

عرفانها بذنوب الناس تبصرها ** منهم ولا تعرف العيب الذي فيها الطيل

وقال أيضا:

وصفت التقى حتى كأنك ذو تقي ** وريح الخطايا من ثيابك يسطع

فهذه التي سماها نصيحة إنما هي أمر بالخوض في الله تعالى بغير علم والرد لسنن الرسول والنهي عن القناعة بقول السلف.

وهي وإن كان قد تاب منها ورجع عنها فلا ينفك من لحوقه إثمها.

ويتعلق به إثم من ضل بها واغتر بتصنيفه إياها. فإن «من سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة».

وأرجو أن تكون هذه الرسالة أعظم الأشياء بركة عليه ونفعا له من حيث أنها تمنع الناس من الضلال بكلامه. فينقطع عنه الإثم الذي كان يعرض الوصول إليه بضلالهم به.

وأسأل الله تعالى أن يعفو عنا وعنه فإنه قد تاب من هذه المقالة. وله في السنة الكلام الكثير والتصانيف الجيدة.

ولو كان محى هذه البدعة من كتابه لكان قد استراح من إثمها وأراح من الغيبة بها. ولكن الله تعالى يفعل ما يريد.

ولكنا قد نبأنا عنه في تبطيلها وبيان حالها ليزول اغترار المغترين بها.

ونحن نشفع الله تعالى في العفو عنه وعنا وأن يقبل توبته وتوبة جميع التائبين.

ونسأله تبارك وتعالى أن يثبتنا على دينه وسنة نبيه ويوفقنا لاتباع سلفنا الصالح ولزوم طريقتهم ويجعلنا معهم يوم القيامة مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين برحمته وكرمه.

وأوصي إخواني وفقهم الله تعالى بلزوم كتاب ربكم سبحانه وتعالى وسنة نبيكم والعض عليها بالنواجذ واجتناب المحدثات. فإن «كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة».

ولا تغتروا بمقالة قائل يصرفكم عما كنتم عليه من السنة كائنا من كان.

فإنه لا يزيد على نبيكم ولا على صحابته الكرام ولا على إمامكم إمام السنة بالاتفاق أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل ولا على الأئمة الذين كانوا في عصره وقبل عصره. وقد بلغكم وذكرنا لكم بعض ما كانوا عليه وبعض وصاياهم. فلا تنحرفوا عن ذلك بقول أحد وإن ظننتموه إماما كبيرا.

فإنه روي عن معاذ بن جبل رضي الله عنه أنه قال: وزيغة الحكيم.

وقال عمر رضي الله عنه: ثلاث يهدمن الدين زلة عالم وجدال منافق بالقرآن وأئمة مضلون.

وروي عن النبي أنه قال: «إني لأخاف على أمتي ثلاثة أخاف عليهم من زلة العالم ومن حكم جائر ومن هوى متبع ».

وقال: «تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما كتاب الله وسنة رسوله».

وقد أراكم الله عبرة في هذا الرجل الذي اعتقدتم غزارة علمه كيف قد زل هذه الزلة القبيحة فلا تغتروا بأحد ثم وإياكم والكلام في المسائل المحدثات التي لم تسبق فيها سنة ماضية ولا إمام مرضي فإنها بدع محدثة.

وقد حذركم نبيكم المحدثات فقال: «إياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة». وقال: «شر الأمور محدثاتها».

وذلك مثل مسألة النقط والشكل ومسألة تخليد أهل البدع في النار وأشباه ذلك من المحدثات والحماقات التي لا أثر فيها فيتبع ولا قول من إمام مرضي فيستمع.

فإن الخوض فيها شين والصمت عنها زين والمتكلم فيها مبتدع خائض في البدعة مرتكب شر الأمور بشهادة الخبر المأثور.

والله سبحانه وتعالى سائلٌ من تكلم فيها عن كلامه ومطالبه بحجته وبرهانه.

قال سهل بن عبد الله التستري رحمه الله تعالى: ما أحدث أحد في العلم شيئا إلا يسأل عنه يوم القيامة فإن وافق السنة وإلا فهو العطب.

ومن سكت عن هذه الحماقات لم يسأل عنها.

وله في رسول الله وصحابته رضي الله عنهم وتابعيهم أسوة حسنة.

ونحن إن شاء الله تعالى أعلم بالآثار منكم وأشد لها طلبا وقد رضينا لأنفسنا باتباع سلفنا واجتناب المحدثات بعدهم.

أفلا ترضون لأنفسكم بذلك؟ أولا يسعنا ما وسعهم؟ أوليس لنا في السنة سعة عن البدعة؟

ومن لم يسعه ما وسع رسول الله وسلفه وأئمته فلا وسّع الله عليه.

ومن لم يكتف بما اكتفوا به ويرضى بما رضوا به ويسلك سبيلهم وكل آخذ منهم فهو من حزب الشيطان و إنما يدعوا حزبه ليكونوا من أصحاب السعير.

ومن لم يرض الصراط المستقيم سلك إلى صراط الجحيم ومن سلك غير طريق سلفه أفضت به إلى تلفه.

ومن مال عن السنة فقد انحرف عن طريق الجنة.

فاتقوا الله تعالى وخافوا على أنفسكم فإن الأمر صعب.

وما بعد الجنة إلا النار وما بعد الحق إلا الضلال ولا بعد السنة إلا البدعة.

وقد علمتم أن «كل محدثة بدعة» فلا تتكلموا في محدثة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ثبتنا الله على السنة وأعاذنا من البدع والفتنة برحمته وطوله.

واتقوا رحمكم الله المراءَ في القرآن والبحث عن أمور لم يكلفكم الله تعالى إياها ولا عمل فيها. فقد روي عن النبي أنه قال: «والمراء في القرآن كفر».

ونهى السلف رضي الله عنهم عن الجدال في الله جل ثناؤه وفي صفاته وأسمائه.

وقد نهينا عن التفكير في الله تعالى.

وقال مالك رحمه الله ورضي عنه: الكلام في الدين أكرهه ولم يزل أهل بلدنا يكرهونه ولا أحب الكلام إلا فيما تحته عمل، فأما الكلام في الدين وفي الله تعالى فالسكوت أحب إلى لأني رأيت أهل بلدنا ينهون عن الكلام في الدين إلا ما تحته عمل.

والذي قاله مالك رحمه الله تعالى عليه جماعة العلماء والفقهاء قديما وحديثا من أهل الحديث والفتوى.

وإنما خالف ذلك أهل البدع. فأما الجماعة فعلى ما قال مالك.

فإذا أردتم الكلام والتوسع في العلم فابحثوا في الفقه ومسائله وأحكامه والفرائض ومسائلها والمناسخات وقسم التركات ومسائل الإقرار والولاء ودوره وجوه ثم الوصايا ومسائلها ثم المسائل التي تعمل بالجبر والمقابلة والحساب والمساحة.

فلكم في هذا سعة عما قد نهيتم عن الخوض فيه مما لم يتكلم فيه سلفكم وكرهه إمامكم ولا يفضي بكم إلى خير ولا تخلون فيه من إحداث بدعة إمامكم فيها إبليس يمقتكم الله بها ويتبرأ منكم نبيكم من أجلها ويفارقكم إخوانكم من أهل السنة لمفارقتكم سنة نبيكم عليه أفضل الصلاة والسلام. وتردّون عن حوض نبيكم كما قد جاء أنه: يأتي يوم القيامة قوم إلى الحوض فيختلجون دون النبي قال: فأقول أصحابي أصحابي فيقال إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك فأقول بعدا وسحقا. أعاذنا الله وإياكم من ذلك.

ولكن إن لزمتم سنة نبيكم وقبلتم وصيته وسلكتم طريق سلفكم وتركتم الفضول فكونوا على يقين من السلامة وأبشروا بالفضل والكرامة والخلود في دار المقامة مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.

وفقنا الله تعالى وإياكم لما يرضيه برحمته آمين.

والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد ونبينا محمد نبي الخير وقائد الخير ورسول الرحمة وسلم.

===========

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

كتاب المنقذ من الضلال أبو حامد الغزالي

  كتاب المنقذ من الضلال أبو حامد الغزالي بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، الذي يفتتح بحمده كل رسالة ومقالة، والصلاة على محمد المصطفى...